قال أبو عبداللّه عليه السلام:
لمّا نزلت هذه الآية في الولاية، أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالدّوحات في غدير خم فقممن، ثم نودي: الصّلاة جامعة، ثمّ قال: أيّها الناس! من كنت مولاه فعليّ مولاه، ألست أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا: بلى.
قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. ربّ وال من والاه وعاد من عاداه.
ثمّ أمر الناس يبايعون علياً، فبايعه الناس، لا يجيء أحد إلاّ بايعه، ولا يتكلّم منهم أحد...»(1).
ورواه أبو النضر محمّد بن مسعود العياشي السمرقندي ـ من أعلام القرن الثالث ـ عن صفوان عن أبي عبداللّه الصادق عليه السلام كذلك...(2).
وروى العيّاشي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال:
«لمّا نزل جبرئيل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في حجّة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) إلى آخر الآية.
قال: فمكث النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ثلاثاً حتى أتى الجحفة، فلم يأخذ بيده فرقاً من الناس، فلمّا نزل الجحفة يوم الغدير في مكان يقال له: «مهيعة» فنادى: الصلاة جامعة.
فاجتمع الناس.
فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من أولى بكم من أنفسكم؟قال: فجهروا فقالوا: اللّه ورسوله.
فقال لهم الثانية.
فقالوا: اللّه ورسوله.
ثمّ قال لهم الثالثة.
فقالوا: اللّه ورسوله.
فأخذ بيد علي عليه السلام فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، فإنّه منّي وأنا منه. وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي»(3).
وروى العيّاشي عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبداللّه عليه السلام ابتداءً منه:
«العجب يا أبا حفص! لما لقي علي بن أبي طالب!! إنّه كان له عشرة آلاف شاهد ولم يقدر على أخذ حقّه، والرجل يأخذ حقّه بشاهدين، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم خرج من المدينة حاجّاً وتبعه خمسة آلاف، ورجع من مكّة وقد شيّعه خمسة آلاف من أهل مكّة، فلمّا انتهى إلى الجحفة نزل جبرئيل بولاية علي عليه السلام، وقد كانت نزلت ولايته بمنى، وامتنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من القيام بها لمكان الناس.
فقال: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ).
ممّا كرهت بمنى.
فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقمّت السمرات...»(4).
وروى العيّاشي عن زياد بن المنذر قال: «كنت عند أبي جعفر محمّد بن علي عليه السلام وهو يحدّث الناس. فقام إليه رجل من أهل البصرة ـ يقال له: عثمان الأعشى، كان يروي عن الحسن البصري ـ فقال: يا ابن رسول اللّه ! جعلت فداك، إنّ الحسن البصري يحدّثنا بحديث يزعم أنّ هذه الآية نزلت في رجل ولا يخبرنا من الرجل (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ).
تفسيرها: أتخشى الناس، فاللّه يعصمك من الناس.
فقال أبو جعفر عليه السلام: ما له لا قضى اللّه دينه ـ يعني صلاته ـ أما أن لو شاء أن يخبر به خبّر به; إنّ جبرئيل هبط على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم... فقال: إنّ اللّه تبارك وتعالى يأمرك أن تدلّ أمّتك مَن وليهم، على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجّهم.
قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: ربّ! اُمّتي حديثو عهد بالجاهلية.
فأنزل اللّه: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ...).
قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فأخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه...»(5).
وروى الشيخ أبو عمرو محمّد بن عمر بن عبدالعزيز الكشي ـ من أعلام القرن الرابع ـ عن جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن معاوية بن وهب، عن علي بن سعيد، عن عبداللّه بن عبداللّه الواسطي، عن واصل بن سليمان، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال:
لمّا صرع زيد بن صوحان رحمه اللّه يوم الجمل، جاء أمير المؤمنين عليه السلام حتى جلس عند رأسه فقال: رحمك اللّه يا زيد! لقد كنت خفيف المؤونة عظيم المعونة.
قال: فرفع زيد رأسه إليه ثمّ قال: وأنت فجزاك اللّه خيراً يا أمير المؤمنين! فو اللّه ما علمتك إلاّ باللّه عليماً وفي اُمّ الكتاب علّياً حكيماً، وإنّ اللّه في صدرك لعظيم، واللّه ما قاتلت معك على جهالة، ولكنّي سمعت اُمّ سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم تقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فكرهت ـ واللّه ـ أن أخذ لك فيخذلني اللّه»(6)