قصيدة (( البردة )) لكعب بن زهير
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول . . . متيم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا . . . إلا أغنُّ غضيضُ الطرف مكحول
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة . . . لا يشتكي قصر منها ولا طول
تجلوا عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت . . . كأنه منهل بالراح معلول
شُجت بذي شبم من ماء محنية . . . صاف بأبطح أضحى وهو مشمول
تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه . . . من صوب سارية بيض يعاليل
أكرم بها خُلة لو أنها صدقت . . . موعدها أو لو أن النصح مقبول
لكنها خلة قد سيط من دمها . . . فجعٌ وولعٌ وإخلافٌ وتبديلُ
فما تدوم على حال تكون بها . . . كما تلون في أثوابها الغول
ولا تمسك بالعهد الذي زعمت . . . إلا كما يمسك الماء الغرابيل
فلا يغرنك ما منت وما وعدت . . . إن الأماني والأحلام تضليل
كانت مواعيد عرقوب لها مثلاً . . . وما مواعيدها إلا الأباطيل
أرجو وآمل أن تدنو مودتها . . . وما إخال لدينا منك تنويل
أمست سعاد بأرض لا يبلُغها . . . إلا العِتاق النّجيات المراسيل
ولن يُبلِّغها إلا غُدافرة . . . لها على الأين إرقالٌ وتبغيلُ
من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت . . . عرضتها طامس الأعلام مجهول
ترمي الغُيُوب بعيني مفردٍ لهقٍ . . . إذا توقدت الحراز والميلُ
ضخمٌ مُقلدها فَعمٌ مُقيدها . . . في خلقها عن بنات الفحل تفضيلُ
غلباءُ وجناء علكومٌ مذكرةٌ . . . في دفها سعةٌ قدّامها ميلُ
وجلدُها من أطوم لا يؤيسهُ . . . طلحٌ بضاحية المتين مهزول
حرفٌ أخوها أبوها من مهجنةٍ . . . وعمُّها خالها قوداءُ شمليلُ
يمشي القرادُ عليها ثم يُزلقُهُ . . . منها لبانٌ وأقرابٌ زهاليلُ
عيرانةٌ قذفت بالنحض عن عُرُضٍ . . . مرفقُها عن نبات الزور مفتولُ
كأنما فات عينيها ومذبحها . . . من خطمها ومن اللحيين برطيلُ
تمرُّ مثل عسيب النخل ذا خُصلٍ . . . في غارزٍ لم تخوّنهُ الأحاليلُ
قنواء في حُريتها للبصير بها . . . عتق مبين وفي الخدين تسهيلُ
تخذي على سيراتٍ وهي لاحقةٌ . . . ذوابل مسّهُنَّ الأرض تحليلُ
سُمرُ العجايات يتركن الحصى زيماً . . . لم يقهنّ رؤوس الأكم تنعيلُ
كأنّ أوب ذراعيها إذا عرقت . . . وقد تلفّع بالكور العساقيلُ
يوماً يظلُّ به الحرباءُ مصطخداً . . . كأن ضاحيهُ بالشمسِ مملولُ
وقال للقوم حاديهم وقد جعلت . . . وُرقُ الجنادب يركضن الحصى قيلوا
شدَّ النهَّارُ ذراعاً عيطلٍ نصفٍ . . . قامت فجاوَبَهَا نًُكدٌ مثاكيلُ
نوَّاحةٌ رخوةُ الضّبعين ليس لها . . . لما نعى بِكرَهَا النّاعون معقولُ
تفري اللبَانَ بكفيها ومدرعها . . . مشققٌ عن تراقيها رعابيل
تسعى الوشاةُ جنابيها وقولهُمُ . . . إنك يا ابن أبي سلمى لمقتولُ
وقال كل خليلٍ كنتُ آمُلهُ . . . لا ألهينك إني عنك مشغولُ
فقلتُ خلوا سبيلي لا أبالكم . . . فكل ماقدَّرَ الرحمنُ مفعولُ
كلُّ ابن أنثى وإن طالت سلامتُهُ . . . يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ
أُنبئتُ أنُّ رسولَ الله أوعدني . . . والعفو عند رسول الله مأمولُ
مهلاً هداك الذي أعطاك نافلةً الـ . . . ـقرآن فيها مواعيظُ وتفضيلُ
لا تأخذني بأقوال الوُشاة ولم . . . أذنب وقد كثُرت فيٌّ الأقاويلُ
لقد أقوم ُ مقاماً لو يقومُ به . . . أرى وأسمع ما لم يسمع الفيلُ
لظلَّ يرعُدُ إلاَّ أن يكون له . . . من الرسول بإذن الله تنويلُ
حتى وضعتُ يميني لا أُنازِعُهُ . . . في كفِّ ذي نقماتٍ قيلهُ القيلُ
لذاك أهيبُ عندي إذ أُكلِّمُهُ . . . وقيل إنك منسوبٌ ومسؤولُ
من خادرٍ من لُيوثِ الأُسدِ مسكنُهُ . . . من بطن عثَّرَ غيلٌ دُونهُ غيلُ
يغدو فيُلحمُ ضرغامين عيشُهُما . . . لحمٌ من القوم مغفور خراديلُ
إذا يُساور قرناً لا يحلُّ لهُ . . . أن يترك القِرنَ إلا وهو مجدولُ
منه تظلُّ سِباعُ الجَوِّ ضامرة . . . ولا تَمَشَّى بواديه الأراجيلُ
ولا يزالُ بواديه أخو ثقةٍ . . . مُطرَّحَ البَزَّ والدِّرسانِ مأكولُ
إن الرًّسُولَ لسيفٌ يُستضاءُ بِهِ . . . مُهنَّـدٌ من سيوف الله مسلولُ
في فتيةٍ من قريشٍ قال قائلهُم . . . ببطن مكة لما أسلموا زُولوا
زالوا فما زال أنكاسٌ ولا كشفٌ . . . عند اللقاءِ ولا ميلٌ معازيلُ
شُمُّ العرانين أبطالٌ لبوسُهُمُ . . . من نسجِ داودَ في الهَيجَا سَرَابيلُ
بيضٌ سوابغُ قد شُكت لها حلقٌ . . . كأنَّها حلقُ القفعاءِ مَجدُولُ
يمشونَ مشيَ الجمالِ الزُّهرِ يعصمُهُم . . . ضربٌ إذا غرَّدَ السُّودُ التَّنابيلُ
لا يفرحون إذا نالت رماحُهُمُ . . . قوماً وليسُوا مجازيعاً إذا نيلُوا
لا يقعُ الطعنُ إلا في نُحُورِهِمُ . . . وما لهُم عن حياضِ الموتِ تهليلُ