الأقمار الخمسة
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

قدومك الينا ووجودك معنا زادنا فرحاً وسروراً
ولأجلك نفرش الارض بدل الثرى زهور
ونتمني لك كل المتعة والفائدة في ربوع منتدانا منتدى الأقمار الخمسة
وان تكون اوقاتك طيبة مفيدة بين هامات صفحاتنا
وننتظر منك كل جديد ومفيدة
بكل الحب والسعادة ...
نرحب بضيفنا العزيز ...
مرحبا بك بين زهور الإبداع ...ورحيق الأخوة.. وشهد المحبة ...
عبر بوابه الصداقة والمحبة والأخوة في منتديات الاقمار الخمسة
اختكم من القطيف
ولاية علي
الأقمار الخمسة
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

قدومك الينا ووجودك معنا زادنا فرحاً وسروراً
ولأجلك نفرش الارض بدل الثرى زهور
ونتمني لك كل المتعة والفائدة في ربوع منتدانا منتدى الأقمار الخمسة
وان تكون اوقاتك طيبة مفيدة بين هامات صفحاتنا
وننتظر منك كل جديد ومفيدة
بكل الحب والسعادة ...
نرحب بضيفنا العزيز ...
مرحبا بك بين زهور الإبداع ...ورحيق الأخوة.. وشهد المحبة ...
عبر بوابه الصداقة والمحبة والأخوة في منتديات الاقمار الخمسة
اختكم من القطيف
ولاية علي
الأقمار الخمسة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأقمار الخمسة

حسيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اللهم صلي على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و أرحمنا بهم يا كريم قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 1- عنوان صحيفة المؤمن حب علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 2- لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 3- حامل لوائي في الدنيا و الآخرة علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 4- أمرني ربي بسد الأبواب إلا باب علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 5- الصدّيقون ثلاثة مؤمن آل ياسين و مؤمن آل فرعون و أفضلهم علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 6- من سره أن يحيا حياتي و يموت مماتي فليتول من بعدي علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : ونادى المنادي يوم القيام يا محمد نعم الأب أبوك ابراهيم 7-نعم الأخ علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 8- لكل نبي وصي و وارث و وصيي و وارثي علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 9- اللهم لا تمتني حتى تريني وجه علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 10- خلقت من شجرة واحدة أنا و علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 11- أعلم أمتي من بعدي علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 12- زينوا مجالسكم بذكر علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 13- أقضى أمتي علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 14- براءة من النار حب علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 15- من كنت مولاه فمولاه علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 16- لم يكن لفاطمة كفؤ لو لم يخلق الله علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 17- أوصي من آمن بي و صدقني بولاية علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 18- أولكم ورودا على الحوض علي و هو أولكم إسلاما قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 19- لا يجوز على الصراط أحد إلا ببراءة في ولاية علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 20- أشقى الأولين و الآخرين قاتل علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 21- أنا المنذر و الهادي من بعدي علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 22- علي الصديق الأكبر قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 23- علي الفاروق بين الحق و الباطل قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 24- علي كفه و كفي في العدل سواء قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 25- علي أخي في الدنيا و الآخرة قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 26- علي خير البشر فمن أبى فقد كفر قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 27- علي باب حطّة من دخله كان مؤمنا قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 28- علي إمام البررة و قاتل الفجرة منصور من نصره و مخذول من خذله قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 29- علي إمام المتقين و أمير المؤمنين و قائد الغر المحجلين قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 30- علي منزلة مني هارون من موسى قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 31- علي حقه على الأمة كحق الوالد على ولده قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 32- علي مع القرآن و القرآن مع علي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 33- علي و شيعته هم الفائزون قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 34- علي باب علمي و مبين لأمتي ما أرسلت له قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 35- علي حبه إيمان و بغضه كفر قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 36- علي قسيم الجنة والنار قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 37- علي حبيب بين خليلين بيني وبين ابراهيم قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 38- علي من فارقه فقد فارقني و من فارقني فارق الله قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 39- علي مني و أنا منه و هو ولي كل مؤمن من بعدي قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 40- علي أحب خلق الله إلى الله و رسوله قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 41- علي حبه حسنة و لا تضر معها سيئة قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 42- علي ذكره عبادة و النظر في وجهه عبادة قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : 43- علي بمنزلة الكعبةلي مني مثل رأسي من بدني قال النبي (صلى الله عليه وآله): (ما جرع عبد جرعةً أعظم أجراً من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله). وقال (صلى الله عليه وآله): (من أحب السبيل إلى الله عز وجل جرعتان، جرعة غيظ يردها بحلم وجرعة مصيبة يردها بصبر). وقال الإمام الباقر (عليه السلام) لبعض ولده: (يا بني ما من شيء أقر لعين أبيك من جرعة غيظ عاقبتها صبر). الصبر على المحارم قال الإمام علي (عليه السلام): (الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل، وأحسن من ذلك الصبر عن ما حرم الله تعالى عليك)، وقال (عليه السلام): (اتقوا معاصي الله في الخلوات فإن الشاهد هو الحاكم). العدل قال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (ثلاث هم أقرب الخلق إلى الله عز وجل يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب، رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل أحدهما على الآخر ولو بشعيرة، ورجل قال الحق في ما عليه). تغليب العقل على الشهوة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد لم يره)، وقال الإمام علي (عليه السلام): (كم من شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً). التواضع قال النبي (صلى الله عليه وآله): (إن أحبكم إلي وأقربكم مني يوم القيامة مجلساً أحسنكم خُلقاً، وأشدكم تواضعاً). ودعا الإمام زين العابدين (عليه السلام) ربه قائلاً: (اللهمّ صل على محمد وآل محمد ولا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تحدث لي عزاً ظاهراً إلا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها). الاقتصاد في المأكل والمشرب ونحوهما قال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (أفطر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشية خميس في مسجد قبا فقال: هل من شراب؟ فأتاه أوس بن خولى الأنصاري بعس مخيض بعسل، فلما وضعه على فيه نحاه، ثم قال: شرابان يكتفى بأحدهما عن صاحبه لا أشربه ولا اُحرِّمه، ولكن أتواضع لله فإنه من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر خفضة الله، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذّر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الموت أحبه الله). إنصاف الناس ولو من النفس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من واسى الفقير من ماله وأنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقاً). وقال (صلى الله عليه وآله): (سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الأخ في الله تعالى على كل حال). وقال الإمام علي (عليه السلام): (ألا إنه من ينصف الناس من نفسه لم يزده الله إلا عزاً). العفة قال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (أفضل العبادة عفة البطن والفرج). اشتغال الإنسان بعيبه عن عيوب الناس قال النبي (صلى الله عليه وآله): (طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين). التخلق بمكارم الأخلاق قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (حسن الخلق خلق الله الأعظم)، وقال (صلى الله عليه وآله): (ألا أخبركم بأشبهكم بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أحسنكم خلقاً، وألينكم كنفاً، وأبركم بقرابته، وأشدكم حُباً لإخوانه في دينه، وأصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفواً، وأشدكم من نفسه إنصافاً في الرضا والغضب).وقيل له (صلى الله عليه وآله): أيُّ المؤمنين أفضلهم إيماناً؟ قال: أحسنهم خلقاً. وقال (صلى الله عليه وآله): (أكثر ما يلجُ به أمتي الجنة: تقوى الله، وحسن الخلق). الحلم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما أعزَّ الله بجهلٍ قط، ولا أذلَّ بحلم قط). وقال الإمام الرضا (عليه السلام): (لا يكون الرجل عابداً حتى يكون حليماً). الزهد في الدنيا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ازهد في الدنيا يحبك الله). وقال (صلى الله عليه وآله): (استحيوا من الله حق الحياء، قالوا: لنستحي منه تعالى، قال: فليس كذلك، تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون)، وقال (صلى الله عليه وآله): (إذا أراد الله بعبد خيراً زهدهُ في الدنيا، ورغبه في الآخرة، وبصره بعيوب نفسه). وقال الإمام علي (عليه السلام): (إن من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا)، وقال (عليه السلام): (إن علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا). وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (ما من عمل بعد معرفة الله عز وجل ومعرفة رسوله أفضل من بغض الدنيا). وقال رجل لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): (إني لا ألقاك إلا في السنين فأوصني بشيء حتى آخذ به، قال: أوصيك بتقوى الله، والورع، والاجتهاد، وإياك أن تطمح إلى من فوقك، وكفى بما قال الله عز وجل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): (ولا تمدَّن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا) وقال: (ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم). فإن خفت ذلك فاذكر عيش رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإنما كان قوته من الشعير، وحلواه من التمر، ووقوده من السعف، وإذا أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط). ووقف الإمام الكاظم (عليه السلام) على قبر فقال: (إن شيئاً هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله، وإن شيئاً هذا أوله لحقيق أن يخاف من آخره). إعانة المؤمن، وتنفيس كربته، وإدخال السرور عليه، وإطعامه، وقضاء حاجته. قال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (ما من مؤمن يعين مؤمناً مظلوماً إلا كان أفضل من صيام شهر رمضان واعتكافه في المسجد الحرام،وما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته إلا ونصره الله في الدنيا والآخره، وما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله الله في الدنيا والآخرة). وقال (عليه السلام): (أيما مؤمن نفّس عن مؤمن كربة نفس الله عنه سبعين كربة من كرب الدنيا وكرب يوم القيامة). وقال (عليه السلام): (من يسّر على مؤمن وهو معسر يسّر الله له حوائجه في الدنيا والآخرة)، وقال (عليه السلام): (وإن الله عز وجل في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه المؤمن). وقال (عليه السلام): (من سرَّ امراً سره الله يوم القيامة، وقيل له تمنَّ على الله ما أحببت، فقد كنت تحب أن تسر أولياءه في دار الدنيا). وقال (عليه السلام): (من أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله، ومن أدخله على رسول الله فقد وصل ذلك إلى الله، وكذلك من أدخل عليه كرباً). وقال (عليه السلام): (من أطعم مؤمناً من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمناً من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كسا مؤمناً كساه الله من الثياب الخضر). وقال (عليه السلام): (ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناداه الله عليَّ ثوابك ولا أرضى لك دون الجنة). محاسبة النفس كل يوم أوصى النبي (صلى الله عليه وآله) أبا ذر فقال: (يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب، فإنه أهون لحسابك غداً، وزن نفسك قبل أن تُوزن، وتجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافية). وقال (صلى الله عليه وآله): (يا أبا ذر لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه، أمِن حلال أو من حرام. يا أبا ذر من لم يُبال من أين اكتسب المال لم يبال الله من أين أدخله النار). وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (ابن آدم إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك وما كانت المحاسبة من همك، ابن آدم إنك ميت، ومبعوث، وموقوف بين يدي الله فأعدَّ جواباً). الاهتمام بأمور المسلمين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم). وقال (صلى الله عليه وآله): (من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم). وقال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (إن المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده فيهتم بها قلبه فيدخله الله تبارك وتعالى بهمه الجنة). السخاء والكرم والإيثار قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما جعل الله أولياءه إلا على السخاء وحسن الخلق). وقال (صلى الله عليه وآله): (أن من موجبات المغفرة بذل الطعام، وإفشاء السلام وحسن الكلام). وقال (صلى الله عليه وآله): (تجافوا عن الذنب السخي فإن الله آخذ بيده كلما عثر). وقال (صلى الله عليه وآله): (الجنة دار الأسخياء). وقال (صلى الله عليه وآله): (إن أفضل الناس إيماناً أبسطهم كفاً). الإنفاق على الأهل والعيال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله). وقال (صلى الله عليه وآله): (خيركم خيركم لأهله). وقال (صلى الله عليه وآله): (ما أنفق الرجل على أهله فهو صدقة). وقال (صلى الله عليه وآله): (دينار أنفقته على أهلك، ودينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، وأعظمها أجراً الدينار الذي أنفقته على اهلك). التوبة من الذنوب صغيرها وكبيرها، والندم عليها قال الإمام الباقر (عليه السلام) لمحمد بن مسلم: (يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما والله إنها ليست إلاّ لأهل الإيمان. قلت: فإنه يفعل ذلك مراراً يُذنب ثم يتوب ويستغفر الله، فقال: كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة). وقال (عليه السلام): (التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ). وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (ما من عبد أذنب ذنباً فندم عليه إلا غفر الله له قبل أن يستغفر). وقال (عليه السلام): (إن الله يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها). وهناك من المعروف مستحبات كثيرة غير ما تقدم، وقد نصت عليها كتب الفقه والحديث فراجعها إن شئت المزيد. قلت لأبي: الأرقام التي مرت أشارت لما هو من المعروف، أما المنكرات؟ أو ما يعد من المنكر؟ قال: ما يعد من المنكر كثير سأعدد لك بعضاً منها ولكن بالشرط السابق نفسه. قلت: تقصد أن أعدك باجتنابها والنهي عنها؟ قال: نعم. قلت: أعدك بذلك. قال: إذن إليك بعضاً مما هو من المنكر.. وبدأ أبي يعدد مستعيناً بذاكرته وبمصادره كما فعل سابقاً فعدَّ من المنكر ما يأتي: الظلم قال الإمام علي (عليه السلام): (أعظم الخطايا اقتطاع مال امرئ مسلم بغير حق). وقال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (لما حضرت علي بن الحسين الوفاة، ضمَّني إلى صدره ثم قال: يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، وما ذكر أن أباه أوصاه به قال: يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله). وقال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (من ظلم مظلمة اُخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده). وقال (عليه السلام): (من أكل من مال أخيه ظلماً ولم يرده إليه أكل جذوة من النار يوم القيامة). الإعانة على الظلم والرضا به قال النبي محمد (صلى الله عليه وآله): (من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام). وقال (صلى الله عليه وآله): (شرُّ الناس من باع آخرته بدنياه، وشرُّ منه من باع آخرته بدنيا غيره). قال الإمام أبو عبد الله الصادق(عليه السلام): (العامل بالظلم، والمعين له، والراضي به شركاء ثلاثتهم). وقال (عليه السلام): (من عذر ظالماً بظلمه سلط الله عليه من يظلمه، فإن دعا لم يستجب له). وقال (عليه السلام) في وصيته لأصحابه: (وإياكم أن تعينوا على مسلم مظلوم فيدعو عليكم فيستجاب له فيكم، فإن أبانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: أن دعوة المسلم المظلوم مستجابة). وقال (عليه السلام): (من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة بين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله). وقال (عليه السلام): (يجيء يوم القيامة رجل إلى رجل حتى يلطخه بدمه، فيقول: يا عبد الله مالك ولي؟ فيقول: أعنت علي يوم كذا وكذا بكلمة فقتلت). كون الإنسان ممن يتقى شره قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (شر الناس عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم). وقال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (من أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه). قطيعة الرحم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا تقطع رحمك وإن قطعك). وقال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (في كتاب علي (عليه السلام) ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن: البغي، وقطيعة الرحم، واليمين الكاذبة يبارزُ الله بها). وقال الإمام أبو عبد الله (عليه السلام): (إن رجلاً من خثعم جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أخبرني ما أفضل الإسلام؟ قال: الإيمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثم ماذا؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: فقال الرجل: فأخبرني أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: الشرك بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: قطيعة الرحم، قال: ثم ماذا؟ قال: الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف). الغضب قال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (إن الرجل ليغضب فما يرضى أبداً حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قومه وهو قائم فليجلس من فوره ذلك ، فإنه سيذهب عنه رجس الشيطان، وأيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه، فإن الرحم إذا مست سكنت). وقال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (الغضب مفتاح كل شر). الاختيال والتكبر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أكثر أهل جهنم المتكبرون). وقال (صلى الله عليه وآله): (من مشى على الأرض اختيالاً لعنته الأرض ومن تحتها ومن فوقها). وقال (صلى الله عليه وآله): (من تعظم في نفسه واختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان). وقال الإمامان الباقر والصادق (عليه السلام): (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر). وقال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (الجبارون أبعد الناس من الله يوم القيامة). اليمين الكاذبة نقل الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (عن كتاب علي (عليه السلام): (إن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم تذران الديار بلاقع من أهلها). وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (من حلف على يمين وهو يعلم أنه كاذب فقد بارز الله عز وجل). شهادة الزور قال النبي (صلى الله عليه وآله): (شاهد الزور كعابد الوثن). وقال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (ما من رجل شهد شهادة زور على مال رجل يقطعه إلا كتب الله عز وجل له مكاناً ضنكاً عالي النار). المكر والخديعة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ليس منا من ماكر مسلماً). وقال الإمام علي (عليه السلام): (لولا أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر العرب). تحقير المؤمن، وخاصة الفقير، والاستخفاف به وقال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (لا تحقروا مؤمناً فقيراً فإنه من حقر مؤمناً واستخف به حقره الله تعالى ولم يزل ماقتاً له حتى يرجع عن تحقيره أو يتوب). وقال (عليه السلام): (من استذل مؤمناً وحقره لقلة ذات يده ولفقره شهره الله إلى يوم القيامة على رؤوس الخلائق). الحسد قال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (إن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب). وقال (عليه السلام): (إن المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط). وقال (عليه السلام): (أصول الكفر ثلاثة: الحرص والاستكبار والحسد). الغيبة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إياكم والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا فإن الرجل قد يزني ويتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه). وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (الغيبة حرام على كل مسلم، وإنها لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب). وقال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (من اغتيب عنده أخوه المؤمن فلم ينصره ولم يُعِنهُ ولم يدفع عنه وهو يقدر على نصرته وعونه إلا حقره الله في الدنيا والآخرة). حب المال والحرص على الدنيا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء). وقال (صلى الله عليه وآله): (لتأتينكم بعدي دنيا تأكل إيمانكم كما تأكل النار الحطب). وقال (صلى الله عليه وآله): (دعوا الدنيا لأهلها، من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه فقد أخذ حتفه وهو لا يشعر). وقال (صلى الله عليه وآله): (إن الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم). وقال (صلى الله عليه وآله): (من أحب دنياه أضر بآخرته). وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس. (قال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (بئس العبد عبد يكون له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذله). وقال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (حب الدنيا رأس كل خطيئة). الفحش، والقذف، وبذاءة اللسان، والسب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعائشة: (يا عائشة إن الفحش لو كان مثالاً لكان مثال سوء). وقال (صلى الله عليه وآله): (إن الله يبغض الفاحش البذيء السائل الملحف). وقال (صلى الله عليه وآله): (إن من أشر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه). وقال (صلى الله عليه وآله): (سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه). وروى عمرو بن نعمان الجعفي قال: (كان لأبي عبد الله (عليه السلام) صديق لا يكاد يفارقه، فقال يوماً لغلامه: يا ابن الفاعلة أين كنت؟ قال: فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يده فصك بها جبهة نفسه ثم قال: سبحان الله تقذف أمه قد كنت أرى لك ورعاً فإذا ليس لك ورع. فقال: جعلت فداك إن أمه سندية مشركة، فقال (عليه السلام): أما علمت أن لكل أمة نكاحاً! تنحَّ عني. فما رأيته يمشي معه حتى فرّق بينهما الموت). عقوق الوالدين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إياكم وعقوق الوالدين). وقال (صلى الله عليه وآله): (من أصبح مسخطاً لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى النار). وقال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (إن أبي (عليه السلام) نظر إلى رجل ومعه ابنه يمشي، والابن متكئ على ذراع الأب، قال: فما كلمه أبي مقتاً له حتى فارق الدنيا). وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة). وقال (عليه السلام): (لو علم الله شيئاً هو أدنى من أفٍ لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق، من العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما). الكذب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدق وأنت له به كاذب). وقال (صلى الله عليه وآله): (الكذب ينقص الرزق). وقال الإمام علي (عليه السلام): (لا يجد العبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب هزله وجده). وقال الإمام السجاد (عليه السلام): (اتقوا الكذب الصغير منه والكبير، في كل جدٍ وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير). وقال الإمام العسكري (عليه السلام): (جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحها الكذب). خلف الوعد قال (صلى الله عليه وآله): (أربع من كنَّ فيه كان منافقاً، ومن كانت فيه خلّة منهن كانت فيه خلّة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر). الغش قال النبي (صلى الله عليه وآله): (من غش مسلماً في شراء أو بيع فليس منا). وقال (صلى الله عليه وآله): (ألا ومن غشنا فليس منا). قالها ثلاث مرات (ومن غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه وأفسد عليه معيشته ووكله إلى نفسه). وقال الإمام الباقر (عليه السلام): (مر النبي (صلى الله عليه وآله) في سوق المدينة بطعام فقال لصاحبه: ما أرى طعامك إلا طيباً وسأله عن سعره. فأوحى الله عز وجل إليه أن يدس يده في الطعام ففعل فأخرج طعاماً رديّاً فقال لصاحبه: ما أراك إلا وقد جمعت خيانة وغشاً للمسلمين). الإسراف، وعدم الاقتصاد، والتبذير، وإتلاف المال قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (إن الله إذا أراد بعبد خيراً ألهمه الاقتصاد، وحسن التدبير، وجنّبه سوء التدبير والإسراف). وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (أترى الله تعالى أعطى من أعطى من كرامة عليه، ومنع من منع من هوان به عليه؟! ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع، وجوَّز لهم أن يأكلوا قصداً، ويشربوا قصداً، وينكحوا قصداً، ويركبوا قصداً، ويعودوا بما سوى ذلك على الفقراء المؤمنين، ويلموا به شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالاً، ويشرب حلالاً، ويركب حلالاً، وينكح حلالاً، ومن عدا ذلك كان عليه حراماً. ثم قال (عليه السلام): (ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين). وقال (عليه السلام): (إن القصد أمر يحبه الله عز وجل، وإن السرف يبغضه حتى طرحك النواة فإنها تصلح لشيء وحتى صبك فضل شرابك). حسن الخلق حسن الخلق هو: حالة نفسية تبعث على حسن معاشرة الناس، ومجاملتهم بالبشاشة، و طيب القول، ولطف المداراة، كما عرفه الإمام الصادق (عليه السلام) حينما سئل عن حده فقال: (تلين جناحك، وتطيب كلامك، وتلقى أخاك ببشر حسن). (الكافي للكليني). من الأماني والآمال التي يطمح إليها كل عاقل حصيف، و يسعى جاهدا‍ في كسبها و تحقيقها، أن يكون ذا شخصية جذابة، ومكانة مرموقة، محببا لدى الناس، عزيزا عليهم. وإنها لأمنية غالية، وهدف سام، لا يناله إلا ذوو الفضائل والخصائص الذين تؤهلهم كفاءتهم لبلوغها، ونيل أهدافها، كالعلم والأريحية والشجاعة ونحوها من الخلال الكريمة. بيد أن جميع تلك القيم والفضائل، لا تكون مدعاة للإعجاب والإكبار وسمو المنزلة، ورفعة الشأن، إلا إذا اقترنت بحسن الخلق، وازدانت بجماله الزاهر، ونوره الوضاء، فإذا ما تجردت عنه فقدت قيمتها الأصيلة، وغدت صورا شوهاء تثير السأم والتذمر. لذلك كان حسن الخلق ملاك الفضائل ونظام عقدها، ومحور فلكها، وأكثرها إعدادا و تأهيلا لكسب المحامد والأمجاد، ونيل المحبة والاعتزاز. انظر كيف يمجد أهل البيت عليهم السلام هذا الخلق الكريم، ويمطرون المتحلين به إطراء رائعا، ويحثون على التمسك به بمختلف الأساليب التوجيهية المشوقة، كما تصوره النصوص التالية: قال النبي (صلى الله عليه وآله) : (أفاضلكم أحاسنكم أخلاقا، الموطؤون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون و توطأ رحالهم) (الكافي). والأكناف جمع كنف، وهو: الناحية والجانب، ويقال (رجل موطأ الأكناف) أي كريم مضياف. وقال الباقر(عليه السلام) : (إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا). (عن الكافي). وقال الصادق (عليه السلام) : (ما يقدم المؤمن على الله تعالى بعمل بعد الفرائض،أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس بخلقه) (عن الكافي) وقال (عليه السلام) : (إن الله تعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق , كما يعطي المجاهد في سبيل الله، يغدو عليه ويروح) (عن الكافي). وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : (إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم) (عن الكافي). وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : (إن صاحب الخلق الحسن يميث الخطيئة، كما تميث الشمس الجليد) (عن الكافي) وقال (عليه السلام) : (البر وحسن الخلق يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار) (عن الكافي). وقال (عليه السلام) : (إن شئت أ تكرم فلـن، وان شئت أن تهان فاخشن) (تحف العقول). وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : (إنكم لم تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم) (من لا يحضره الفقيه). وكفى بحسن الخلق شرفا وفضلا، أن الله عز وجل لم يبعث رسله وأنبياءه للناس إلا بعد أن حلاهم بهذه السجية الكريمة، وزانهم بها، فهي رمز فضائلهم، وعنوان شخصياتهم. ولقد كان سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله) المثل الأعلى في حسن الخلق، وغيره من كرائم الفضائل والخلال. واستطاع بأخلاقه المثالية أن يملك القلوب والعقول، واستحق بذلك ثناء الله تعالى عليه بقوله عز من قائل: ((وانك لعلى خلق عظيم)) . قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وهو يصور أخلاق رسول الله(صلى الله عليه وآله): (كان أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة. من رآه بديهة هابة. ومن خالطه فعرفه أحبه، لم أر مثله قبله ولا بعده) (سفينة البحار ـ مادة خلق ـ). وحسبنا أن نذكر ما أصابه من قريش، فقد تألبت عليه، وجرعته ألوان الغصص، حتى اضطرته إلى مغادرة أهله وبلاده، فلما نصره الله عليهم، وأظفره بهم، لم يشكـّوا أنه سيثأر منهم، وينكـّل بهم، فما زاد أن قال: ما تقولون أني فاعل بكم ؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. فقال: أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء. وجاء عن أنس قال: كنت مع النبي(صلى الله عليه وآله) ، وعليه برد غليظ الحاشية، فجذبه أعرابي بردائه جذبة شديدة، حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه، ثم قال: يا محمد احمل لي على بعيرَيّ هذين من مال الله الذي عندك، فانك لا تحمل من مالك، ولا مال أبيك. فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: (المال مال الله، وأنا عبده). ثم قال: (ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي؟) قال: لا. قال: لِمَ؟ قال: لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة. فضحك النبي(صلى الله عليه وآله)، ثم أمر أن يحمل له على بعير شعيرا، وعلى الآخر تمرا (سفينة البحار ـ مادة خلق ـ). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (إن يهوديا كان له على رسول الله(صلى الله عليه وآله) دنانير، فتقاضاه، فقال له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك. فقال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني. فقال: أجلس معك، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة (الصبح)، وكان أصحاب رسول الله يتهددونه ويتوعدونه، فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم وقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك ! فقال: لم يبعثني ربي عز وجل (كي) أظلم معاهدا ولا غيره. فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت، إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة (المدينة المنورة)، وليس بفظ ولا غليظ ، ولا سخاب، ولا متزين بالفحش، ولا قول الخنا، وأنا أشهد أن لا اله إلا الله، وأنك رسول الله، وهذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله، وكان اليهودي كثير المال) (البحار م 6 في مكارم أخلاق النبي(صلى الله عليه وآله) ) وهكذا كان الأئمة المعصومون من أهل البيت عليهم السلام في مكارم أخلاقهم وسمو آدابهم. وقد حمل الرواة إلينا صورا رائعة ودروسا خالدة من سيرتهم المثالية، وأخلاقهم الفذة. من ذلك ما ورد عن أبي محمد العسكري(عليه السلام) قال: (ورد على أمير المؤمنين(عليه السلام) أخـَوان له مؤمنان، أب وابن، فقام إليهما وأكرمهما وأجلسهما في صدر مجلسه، وجلس بين يديهما، ثم أمر بطعام فأحضر فأكلا منه، ثم جاء قنبر بطست و إبريق خشب ومنديل، فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام الإبريق فغسل يد الرجل بعد أن كان الرجل يمتنع من ذلك، و أقسم عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يغسل مطمئنا، كما لو كان الصاب عليه قنبرا ففعل، ثم ناول الإبريق محمد بن الحنفية وقال: يا بني لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت على يده، ولكن الله عز وجل يأبى أن يسوي بين ابن وأبيه، إذا جمعهما مكان، ولكن قد صب الأب على الأب، فليصب الابن على الابن، فصب محمد بن الحنفية على الابن) ثم قال العسكري (عليه السلام): (فمن اتبع عليا على ذلك فهو الشيعي حقا) (سفينة البحار ـ مادة وضع ـ) . وورد أن الحسن والحسين مرا على شيخ يتوضأ ولا يحسن، فأخذا في التنازع، يقول كل واحد منهما أنت لا تحسن الوضوء، فقالا أيها الشيخ كن حكما بيننا، يتوضأ كل منا، فتوضئا ثم قالا: أينا يحسن؟ قال: كلاكما تحسنان الوضوء، ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن، وقد تعلم الآن منكما، وتاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على أمة جدكما ( البحار م 10 عن المحاسن ص89). وجنى غلام للحسين عليه السلام جناية توجب العقاب عليه، فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي والكاظمين الغيظ. قال: خلوا عنه. فقال: يا مولاي والعافين عن الناس. قال: قد عفوت عنك. قال: يا مولاي والله يحب المحسنين. قال: أنت حر لوجه الله، ولك ضعف ما كنت أعطيك (البحار م10ص145عن كشف الغمة). وحدث الصولي: أنه جرى بين الحسين وبين محمد بن الحنفية كلام، فكتب ابن الحنفية إلى الحسين: (أما بعد يا أخي فان أبي وأباك علي لا تفضلني فيه ولا أفضلك، وأمك فاطمة بنت رسول الله، لو كان ملء الأرض ذهبا ملك أمي ما وفت بأمك، فإذا قرأت كتابي هذا فصر إلي حتى تترضاني. فانك أحق بالفضل مني، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته) ففعل الحسين فلم يجر بعد ذلك بينهما شئ (البحار 10ص144 عن مناقب ابن شهرآشوب). وعن محمد بن جعفر وغيره قالوا: وقف على علي بن الحسين(عليه السلام) رجل من أهل بيته فأسمعه وشتمه، فلم يكلمه، فلما انصرف قال لجلسائه: لقد سمعتم ما قال هذا الرجل، وأنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا مني ردي عليه،فقالوا له: نفعل، ولقد كنا نحب أن يقول له ويقول، فأخذ نعليه ومشى وهو يقول: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) فعلمنا أنه لا يقول له شيئا. قال: فخرج حتى أتى منزل الرجل، فصرخ به، فقال: قولوا له هذا علي بن الحسين. قال: فخرج متوثبا للشر، وهو لا يشك أنه إنما جاء مكافئا له على بعض ما كان منه. فقال له علي بن الحسين: يا أخي انك وقفت علي آنفا وقلت وقلت فان كنت قلت ما في فأستغفر الله منه، وان كنت قلت ما ليس في فغفر الله لك، قال: فقبله الرجل بين عينيه، وقال: بل قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحق به (البحار م11ص17عن إعلام الورى وإرشاد المفيد). وليس شئ أدل على شرف حسن الخلق، وعظيم أثره في سمو الإنسان وإسعاده، من الحديث التالي: عن علي بن الحسين(عليه السلام) قال: ثلاثة نفر آلـَو باللات والعزى ليقتلوا محمدا(صلى الله عليه وآله)، فذهب أمير المؤمنين وحده إليهم وقتل واحدا منهم وجاء بالآخرين، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): قدّم إلي أحد الرجلين، فقدمه فقال: قل لا اله إلا الله، واشهد أني رسول الله. فقال لنقل جبل أبي قبيس أحب إلي من أن أقول هذه الكلمة. قال: يا علي أخرّه وأضرب عنقه. ثم قال: قدم الآخر، فقال: قل لا اله إلا الله، واشهد أني رسول الله. قال ألحقني بصاحبي. قال: يا علي أخرّه واضرب عنقه.فأخرّ ه وقام أمير المؤمنين ليضرب عنقه فنزل جبرئيل على النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام، ويقول لا تقتله فانه حسن الخلق سخي في قومه. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي أمسك، فان هذا رسول ربي يخبرني أنه حسن الخلق سخي في قومه. فقال المشرك تحت السيف: هذا رسول ربك يخبرك ؟ قال: نعم. قال: والله ما ملكت درهما مع أخ لي قط، ولا قطبت وجهي في الحرب، فأنا أشهد أن لا اله إلا الله، وأنك رسول الله. فقال رسول الله: هذا ممن جره حسن خلقه وسخاؤه إلى جنات النعيم (البحار م15 ج2 ص210 في حسن الخلق). 1ـ الصدق وهو: مطابقة القول للواقع، وهو أشرف الفضائل النفسية، والمزايا الخلقية، لخصائصه الجليلة، آثاره الهامة في حياة الفرد والمجتمع. فهو زينة الحديث ورواؤه، ورمز الاستقامة والصلاح، وسبب النجاح والنجاة، لذلك مجدته الشريعة الإسلامية، وحرضت عليه، قرآنا وسنة. قال تعالى: (( والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون، لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين)) (الزمر 33 ـ34) وقال تعالى: ((هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم، لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها أبدا )). (المائدة:119). وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا اتقو الله، وكونوا مع الصادقين)). (التوبة: 119). وهكذا كرم أهل البيت عليهم السلام هذا الخلق الرفيع، ودعوا إليه بأساليبهم البليغة الحكيمة: قال الصادق (عليه السلام) : (لا تغتروا بصلاتهم، ولا بصيامهم، فإن الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش، ولكن عند صدق الحديث، وأداء لأمانة) (1الكافي). وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : ( زينة الحديث الصدق)(2الإمامة والتبصرة). وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (إلزموا الصدق فإنه منجاة)(3كمال الدين للصدوق). وقال الصادق (عليه السلام) : ( من صدق لسانه زكى عمله)(4الكافي).أي صار عمله ببركة الصدق زاكيا ناميا في الثواب، لأن الله تعالى (إنما يتقبل من المتقين) والصدق من أبرز خصائص التقوى وأهم شرائطه. مآثر الصدق 1 ـ عن أبي زرعة عن ابي هريرة يقول قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم : أتاني جبرئيل ( عليه السلام ) فقال يا رسول اللّه هذه خديجة قد أتتك ومعها آنية فيها ادام أو طعام أو شراب ، فاذا هي أتتك فاقرأ ( عليها السلام ) من ربّها ومنّي ، وبَشِّرها ببيت في الجنة من قصب لا صخَبَ فيه ولا نصَبِ » (1). 2 ـ عن عائشة قالت : ما غِرتُ على امرأة ما غِرتُ على خديجة ، ولقد هَلَكتْ قبل أن يتزوجني بثلاث سنين ، لما كنتُ اسمعه يذكرها ، ولقد أمره ربُه عزّ وجلّ ان يبشرها ببيت من قصب في الجنة ، وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها ( اي خليلاتها وصديقاتها ) (2). 3 ـ وعن عائشة أيضاً قالت ما غِرت على نساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلا على خديجة ، واني لم أدركها ، ( قالت ) : وكان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذبح الشاة فيقول : أرسلوا بها إلى اصدقاء خديجة قالت : « أي عائشة » فاغضبتُه يوماً فقلت : خديجة !! فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم : « اني قد رزقت حبّها » (3). 4 ـ ومن هذا القبيل ما كان يقوم به رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم مع صاحبات خديجة من الاحترام لهن والاحتفاء بهنّ : فقد وقف صلى الله عليه وآله وسلم على عجوز فجعل يسألها ، ويتحفاها ، وقال : « ان حسن العهد من الايمان ، انها كانت تأتينا ايام خديجة » (4). 5 ـ وروي عن انس قال كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا اُتي بهدية قال : « إذهبوا بها إلى بيت فلانة فانها كانت صديقة لخديجة إنها كانت تحب خديجة » (5). 6 ـ روى مجاهد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : كان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتّى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الايام فادركتني الغيرة فقلت : هل كانت إلا عجوزاً فقد أبدلك اللّه خيراً منها ، فغضب حتّى أهتز مقدَمُ شعره من الغضب ، ثم قال : « لا واللّه ما أبْدلَني اللّه خيراً منها ، آمنَتْ بي إذْ كَفَر الناسُ ، وصدَّقتني وكذَّبني الناسُ وواستني في مالها إذ حرمني الناسُ ورزقني اللّه منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء » قالت عائشة فقلت في نفسي : لا أذكرها بسيئة ابداً (6). 7 ـ عن يعلى بن المغيرة عن ابن ابي رواد قال : دخل رسولُ اللّه صلى الله عليه وآله وسلم على خديجة في مرضها الّذي ماتت فيه ، فقال لها : « يا خديجة أتكرهين ما أرى منك ، وقد يجعل اللّه في الكُره خيراً كثيراً ، أما علمت أن اللّه تعالى زوَّجني معك في الجنة مريم بنتَ عمران ، وكلثمَ اُخت موسى وآسية امرأة فرعون ... » (7). 8 ـ عن عكرمة عن ابن عباس قال خطَّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أربع خطط في الأَرض وقال : أتدرون ما هذا ؟ قلنا : اللّه ورسولُه أعلم ، فقال رسولُ اللّه صلى الله عليه وآله وسلم : « أفضل نساء الجنة أربع : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمَّد ، ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون » (Cool. 9 ـ عن أنس جاء جبرئيل إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعنده خديجة فقال : إن اللّه يقرئ خديجة السلام فقالت : إن اللّه هو السلام ، وعليك السلام ، ورحمة اللّه وبركاته (9). 10 ـ عن أبي الحسن الأول ( الكاظم ) ( عليه السلام ) قال قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ اللّه اختار من النساء اربعاً : مريم و آسية وخديجة وفاطمة » (10). تواتر الحديث عن الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) في الإمام المهدي (عليه السلام)، وأنّ اسمه اسم النبي (صلّى الله عليه وآله)، وكنيته كنيته، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجورا. وهذه الأحاديث بكثرة لا يمكن حصرها، وبتواتر يقطع بصحتها، فلا يكاد يخلو منها كتاب في الحديث، أو معجم في التراجم والسير، ولو تصدينا لجمع ما أمكن منها لكانت موسوعة كبرى في الحديث، وتمشياً مع هذا المختصر سجلنا منها عشرين حديثاً من أحاديثه (صلّى الله عليه وآله) يختلف كل واحد عن الآخر لفظاً ومعنىً، أخذناها من عشرين كتاباً وقد حذفنا سند هذه الأحاديث مكتفين بذكر المصدر. وهذا إن دل على شيء فإنّما يدل على تواتر حديث المهدي (عليه السلام)، وأنّ الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) كان يبشر الأمة الإسلامية بظهوره في كل نادٍ ومحفل، ومنتدى ومجمع، واليك الآن: 1ـ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لن تنقضي الأيام والليالي حتى يبعث الله رجلاً من أهل بيتين يواطئ اسمه اسمي، يملؤها عدلاً وقسطاً ، كما ملئت ظلماً وجورا. (الإرشاد للشيخ المفيد: 373) 2ـ أخرج أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجة عنه (صلّى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله فيه رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جورا. (إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار: 134) 3ـ عن المعلى بن زياد عن العلاء قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحاً. فقال رجل: ما صحاحا؟ قال: بالسوية بين الناس، ويملأ الله قلوب أمة محمد (صلّى الله عليه وآله) غنى، ويسعهم عدله، حتى يأمر منادياً فينادي فيقول: من له في المال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل، فيقول: أنا، فيقول: ائت السدان ـ يعني الخازن ـ فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً. فيقول له: أحث، حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفساً، أو عجز عني ما وسعهم. قال: فيرده فلا يقبل منه. فيقول: إنّا لا نأخذ شيئاً أعطيناه فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين، ثم لا خير في العيش بعده، أو قال: لا خير في الحياة بعده. (البيان في أخبار صاحب الزمان: 85) 4ـ عن سلمان المحمدي قال: دخلت على النبي (صلّى الله عليه وآله) والحسين على فخذه وهو يقبل عينيه، ويلثم فاه ويقول: إنّك سيد ابن سيد أبو سادة، إنك إمام ابن إمام أبو أئمة، وإنّك حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم. (مقتل الحسين للخوارزمي 1/146) 5ـ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كاسمي، وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، فذلك هو المهدي. (تذكرة الخواص: 204) 6ـ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً. (الملاحم والفتن لابن طاووس: 101) 7ـ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): المهدي من ولدك. (الحديث الرابع من أربعين الحافظ أبي نعيم. انظر كشف الغمة: 321) 8ـ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة. (إكمال الدين 1/256) 9ـ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم. (صحيح البخاري 2/178) 10ـ عن أبي الحسن الرضا عن آبائه (عليهم السلام): قال: قال النبي (صلّى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق بشيراً ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني، حتى يقول أكثر الناس ما لله في آل محمد (عليه السلام) حاجة، ويشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه ولا يجعل للشيطان إليه سبيلاً بشكه فيزيله عن ملتي، ويخرجه من ديني، فقد أخرج أبويكم من الجنة من قبل، وإنّ الله عز وجل جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون. 11ـ أخذ (صلى الله عليه وآله) بيد علي فقال: يخرج من صلب هذا فتىً يملأ الأرض قسطاً وعدلاً. فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي فإنه يُقبل من قبل المشرق وهو صاحب راية المهدي. (الفتاوى الحديثة ص27، لأحمد شهاب الدين بن حجر الهيثمي) س12ـ عن ذر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي. (نور الأبصار للشبلنجي ص155) 13ـ عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة: أنا وحمزة وعلي وجعفر بن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي. (ذخائر العقبى للعلامة الحافظ محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري ص15) 14ـ عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: الأئمة بعدي اثنا عشر، تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم. (كفاية الأثر) 15ـ عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لفاطمة (رضي الله عنها): منا خير الأنبياء وهو أبوك، ومنا خير الأوصياء وهو بعلك، ومنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك جعفر، ومنا سبطا هذه الأمة سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين وهما ابناك، ومنا المهدي وهو من ولدك. (منتخب الأثر للطف الله الصافي ص191) 16ـ من حديث له (صلّى الله عليه وآله): من أحب أن يلقى الله عز وجل وقد كمل إيمانه، وحسن إسلامه، فليتولّ ابنه صاحب الزمان المهدي. (أربعين الحافظ محمد بن أبي الفوارس. انظر إلزام الناصب 1/327) 17ـ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه، يتولى وليه، ويتبرأ من عدوه ويتولّى الأئمة الهادية من قبله، أولئك رفقائي وذو ودّي ومودتي. (الغيبة للشيخ الطوسي: 290) 18ـ عن أبي عباس (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه و

 

 التوحيد للسيد كمال الحيدري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الواسطي

محمد الواسطي


ذكر عدد المساهمات : 66
نقاط : 171
تاريخ التسجيل : 07/09/2011
العمر : 39
الموقع : العراق

التوحيد للسيد كمال الحيدري  Empty
مُساهمةموضوع: التوحيد للسيد كمال الحيدري    التوحيد للسيد كمال الحيدري  Emptyالجمعة سبتمبر 23, 2011 1:55 pm

لقد قراة من كتاب السيد اية الله العظمى كمال الحيدري في كتابه (التوحيد) ووجدت ماهو لا يمكن لاي انسان ان يقول عبادتي صحيحة بدون هذا التوحيح فراس العلم هو معرفة الله سبحانه وتعالى وهو احد الاصول الخمسة التي بدونها يحشر الانسان الى جهنم والان ادخل الى الكتاب لمعرفة الله حق معرفته
فالمعرفة مقدّمة للعبادة، وما لم يهتد الإنسان إلى الله تعالى ويعرفه، فلا طريق له للوصول إلى العبادة أساساً، بل قد ينحدر إلى هوّة سحيقة.
قال قوم للإمام الصادق عليه السلام: ندعو فلا يُستجاب لنا؟ قال: «لأنّكم تدعون من لا تعرفونه» (1)
وفي الحديث الشريف: «من هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه» (2).
ذن: مادامت المعرفة التوحيدية تأتي في الذروة على خطّ المعرفة الإسلامية، فسيكون نافعاً أن نبصر موقعها هذا، عبر عدد من الإضاءات الدالّة التي توفّرها النصوص التالية:
1 ـ جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله علّمني من غرائب العلم. قال: ما صنعت في رأس العلم حتى تسأل عن غرائبه؟! قال الرجل: ما رأس العلم يا رسول الله؟ قال: معرفة الله حقّ معرفته (3).
2 ـ كان الإمام أمير المؤمنين في لجّة المعركة في يوم الجمل، وإذا برجل يسأله: يا أمير المؤمنين، أتقول إنّ الله واحد؟ فما كان من الناس إلاّ أن حملوا عليه؛ متذرّعين بأنّ الساحة ساحة معركة، والساعة ساعة حرب واحتدام سيوف، لا سؤال ومعرفة، وقالوا: يا أعرابيّ، أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم النفس؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «دعوه؛ فإنّ الذي يريده الأعرابيّ هو الذي نريده من القوم» (4) أي: علامَ نحاربهم؟ إنّما نحاربهم على
التوحيد الحقّ بمكوّناته ولوازمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) التوحيد، الشيخ الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت: 381هـ)، تحقيق السيد هاشم الحسيني الطهراني، دار المعرفة، بيروت، ص288، الحديث: 7.
(2) تحف العقول عن آل الرسول، مصدر سابق، ص 356.
(3) التوحيد، باب 40، ص 284، ح 5 و في النصّ تتمّة رائعة ستأتي في ثنايا الكتاب.
(4) بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار عليهم السلام، الشيخ محمد باقر المجلسي، بيروت 1983، ج 3، ص 206. وللحديث تتمّة تنطوي على كنوز في المعرفة التوحيدية كما سيوافينا بعدئذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

الان اريد من الكتب فقط ان ابين لكم معن الله واحد ومعنى ان الله احد لا اطيل عليكم الكتاب سوف يوضح ذلك
درجت منهجية البحث التوحيدي في فكر المسلمين على تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، هي:
1 ـ التوحيد الذاتي.
2 ـ التوحيد الصفاتي.
3 ـ التوحيد الأفعالي.
ينقسم التوحيد الذاتي بدوره إلى التوحيد الواحدي والتوحيد الأحدي. ومع أنّ الموضوع الأساسي لهذا البحث يدور منهجياً حول التوحيد الذاتي بقسميه, لكن من المفيد قبل الدخول في لجّة البحث العلمي التقديم له بعدد من الأفكار التمهيدية التي ترتبط بالتوحيد عامّة وعدد من المقدّمات المنهجية ذات الصلة ببعدي التوحيد الذاتي خاصّة، ليكتسب البحث الخريطة التالية:
البحث الأول: أفكار تمهيدية ومقدّمات منهجية.
البحث الثاني: التوحيد الواحدي.
البحث الثالث: التوحيد الأحدي.
ـ أفكار تمهيدية
ثمَّ عدد من الأفكار والمداخل تُساهم بإضاءة المشهد التوحيدي قاطبة من خلال ما تلقي عليه من أضواء كاشفة تعين على ضبط الرؤية واتساق المسار؛ منها:
أ . فطرة التوحيد
يتجنّب المنهج القرآني في التوحيد البحث في إثبات وجود الله ـ في الأعمّ الأغلب ـ (1) ويتناول موضوعه من زاوية توحيد وجوده وألوهيّته وربوبيّته وغيرها من مراتب التوحيد؛ ومغزى ذلك أنّ القرآن يتعامل مع وجود الله كأمر ثابت جُبل عليه الإنسان، مودع في فطرته (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (2). فالأحاديث متظافرة في تفسير الفطرة بالتوحيد.
- عن هشام بن سالم قال: «قلت ـ للإمام الصادق عليه السلام ـ : (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) قال: التوحيد» (3).

ـــــــــــ

(1) من الآيات التي أشارت إلى إثبات أصل وجوده تعالى: (أَمْ خُلقوا منْ غَيْر شَيْء أمْ همُ الخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ) الطور: 35، 36.
(2) الروم: 30.
(3) الكافي: ج2 ص12، كتاب الإيمان والكفر، باب فطرة الخلق على التوحيد، الحديث1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
عن زرارة، قال: «قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام: أصلحك الله، قول الله عزّ وجلّ في كتابه (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) قال: فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفته أنّه ربّهم. قلت: وخاطبوه؟ فطأطأ رأسه، ثم قال: لولا ذلك لم يعلموا من ربّهم ولا من رازقهم (1).
وقول الإمام عليه السلام (عند الميثاق) إشارة إلى قوله تعالى (وَإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) (2).
- قال زرارة: سألت أبا جعفر الباقر عن قول الله عزّ وجلّ (وَإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ...) قال عليه السلام: «أخرج من ظهر آدم ذرّيته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذرّ، فعرّفهم وأراهم صُنعه، ولولا ذلك لم يعرف أحدٌ ربّه» (3).
وهذا ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في ظلال هذه الآية أيضاً حيث قال: «فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه، ولولا ذلك لم يدرِ أحد من خالقه ورازقه» (4).
وإذا كان كلّ إنسان مولوداً على الفطرة ـ كما عن رسول الله صلى الله عليه وآله: «كلّ مولود يولد على الفطرة، يعني على المعرفة بأنّ الله خالقه» (5) ـ إذن فكلّ إنسان مولود على التوحيد، لأنّ الفطرة هي التوحيد ومعرفة الله سبحانه. وهكذا صار الأصل الأوّل من أصول الدين توحيد وجوده لا إثبات وجوده.

ـــــــــــ
مؤمنين علي بن أبي طالب خطواته بدقّة في قوله: «أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه»(1).
ج . فضيلة المعرفة التوحيدية
ما دمنا لم نلج بعدُ تفاصيل البحث العلمي في التوحيد وأنواعه ومقوّمات كلّ نوع، نمرّ على إضمامة من الأحاديث الشريفة في هذا المجال؛ لما تحدثه لدى الإنسان الموحِّد من شحنة مكثّفة من الإحساس التوحيديّ ترشد لمكانة الموحّدين وتمهّد السبيل للبحث العلمي، بما تحدثه من انشراح في النفوس والصدور.
في الأحاديث الشريفة تركيز كبير على ثواب الموحّدين يقوم على أساس ما يحمله الموحِّدون من معرفة توحيدية. فإذا ما أجَلْنا الطرف في كتاب واحد من كتب أحد علمائنا المحدّثين وهو أبو جعفر محمد بن عليّ بن الحسين المشهور بالصدوق (ت: 381 هـ) لرأيناه يفرد في كتابه النفيس «التوحيد» باباً بعنوان «ثواب الموحِّدين» يسرد فيه عدداً كبيراً من الأحاديث تصل إلى خمسة وثلاثين حديثاً, منها:
- عن أبي سعيد الخدريّ، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل لا إله إلاّ الله» (2).
- وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير العبادة قول لا إله إلاّ الله» (3). وورد عن النبيّ

ـــــــــــ

(1) نهج البلاغة، مصدر سابق، الخطبة رقم 1، ص39.
(2) التوحيد، مصدر سابق، الشيخ الصدوق، دار المعرفة، بيروت، ص18.
(3) المصدر السابق، ص18.
(1) التوحيد للصدوق: ص330، باب فطرة الله عزّ وجلّ الخلق على التوحيد، الحديث 8.
(2) الأعراف: 172.
(3) الكافي، مصدر سابق، ج 2، ص 13، الحديث 2.
(4) تفسير القمّي، لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمي، تصحيح وتقديم السيد طيب الموسوي الجزائري، الطبعة الرابعة، قم 1988: ج 1، ص 248.
(5) الكافي ، نقلاً من: الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج16، ص188.
ــــــــــــــــــــــــ
ب . الكمال والمعرفة التوحيدية
هناك صلة بين الكمال والمعرفة التوحيدية. فالإنسان مشدود في حركته الحياتية إلى كماله، وثَمّ نقطة يلتقي عندها الكمال بالتوحيد ينبغي معرفتها.
لقد أشار القرآن الكريم في آيات عديدة إلى أنّ كلّ شيء مسخّر لأجل الإنسان (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) (1)، حتى الملائكة مسخّرة لتدبير أمور الإنسان (فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْراً) (2) فيما تقوم به وفاقاً لدورها من إنزال الوحي والرزق وغير ذلك.
ما تهدف إليه حركة التسخير هذه هو أن يتحرّك الإنسان صوب كماله النهائي. عندما نأتي إلى القرآن لنستنطقه عن هدف الخلق، يواجهنا قول الله سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (3). وهذه العبادة لا تمثّل الهدف النهائي لوجود الخلق، وإنّما هي وسيلة وحسب لبلوغ الكمال النهائي المتمثّل في اليقين بالله (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (4).
والذروة في هذا اليقين هو ما بلغه أنبياء الله العظام على هذا الخطّ، حيث يصف القرآن الكريم مقام خليل الرحمن بقوله: (وَكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ) (5).
فكلّ شيء إذن مسخّر للإنسان كي يبلغ كمالَه، وكمالُ الإنسان في معرفة الله، وبلوغ اليقين بهذه المعرفة.
وهنا يلتقي الكمال بالمعرفة التوحيدية وفق مسار يرسم الإمام أمير

ـــــــــــ

(1) الجاثية: 13.
(2) النازعات: 5.
(3) الذاريات: 56.
(4) الحجر: 99.
(5) الأنعام: 75.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

لمؤمنين علي بن أبي طالب خطواته بدقّة في قوله: «أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه»(1).
ج . فضيلة المعرفة التوحيدية
ما دمنا لم نلج بعدُ تفاصيل البحث العلمي في التوحيد وأنواعه ومقوّمات كلّ نوع، نمرّ على إضمامة من الأحاديث الشريفة في هذا المجال؛ لما تحدثه لدى الإنسان الموحِّد من شحنة مكثّفة من الإحساس التوحيديّ ترشد لمكانة الموحّدين وتمهّد السبيل للبحث العلمي، بما تحدثه من انشراح في النفوس والصدور.
في الأحاديث الشريفة تركيز كبير على ثواب الموحّدين يقوم على أساس ما يحمله الموحِّدون من معرفة توحيدية. فإذا ما أجَلْنا الطرف في كتاب واحد من كتب أحد علمائنا المحدّثين وهو أبو جعفر محمد بن عليّ بن الحسين المشهور بالصدوق (ت: 381 هـ) لرأيناه يفرد في كتابه النفيس «التوحيد» باباً بعنوان «ثواب الموحِّدين» يسرد فيه عدداً كبيراً من الأحاديث تصل إلى خمسة وثلاثين حديثاً, منها:
- عن أبي سعيد الخدريّ، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل لا إله إلاّ الله» (2).
- وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير العبادة قول لا إله إلاّ الله» (3). وورد عن النبيّ

ـــــــــــ

(1) نهج البلاغة، مصدر سابق، الخطبة رقم 1، ص39.
(2) التوحيد، مصدر سابق، الشيخ الصدوق، دار المعرفة، بيروت، ص18.
(3) المصدر السابق، ص18.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلى الله عليه وآله: «الاستغفار وقول لا إله إلاّ الله خير العبادة» (1) وفيه إشارة إلى قول الله سبحانه: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) (2).
- وفي السياق ذاته ما ورد عن جابر بن عبدالله، عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: «الموجبتان؛ مَن مات يشهد أن لا إله إلاّ الله [وحده لا شريك له] دخل الجنّة، ومن مات يشرك بالله دخل النار»(3).
والمقصود من الموجبة في الحديث هو ما يوجب دخول الجنّة وما يوجب دخول النار (4). فالتوحيد يوجب دخول الجنّة، ولكن ليس مطلق التوحيد بل التوحيد بشرطه وشروطه، والشرك يوجب دخول النار (إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (5).
وفيما يكون قيداً لكلمة التوحيد لكي يستوجب صاحبها الجنّة، جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله: «إنّ لا إله إلاّ الله كلمة عظيمة كريمة على الله عزّ وجلّ، من قالها مخلصاً استوجب الجنّة». فليست هذه الكلمة تستوجب الجنّة مطلقاً، وإنّما تستوجبها لصاحبها مع الإخلاص، وكما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه».
أمّا من يقولها كاذباً غير مخلص، فالحديث يشير في تتمّته إلى أنّ جزاءَه بها

ـــــــــــ

(1) الأصول من الكافي، مصدر سابق، ج2، ص505.
(2) محمد: 19.
(3) التوحيد، مصدر سابق، ص20.
(4) في الحديث الشريف عن زرارة، عن الإمام محمد الباقر عليه السلام قال: «لا تنسوا الموجبتين ـ أو قال: عليكم بالموجبتين ـ في دبر كلّ صلاة. قلت: وما الموجبتان؟ قال: تسأل الله الجنّة وتتعوّذ به من النار» معاني الأخبار ، ص183.
(5) النساء: 48.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
صفحة 45

في هذه الدنيا أن تعصم ماله ودمه فقط، ولا شيء له في الآخرة إلاّ الخزي والنار: «ومن قالها كاذباً عصمت ماله ودمه، وكان مصيره إلى النار» (1).
وبذلك يتضح أنّ ما يُرجى في كلمة التوحيد من ثواب للموحّدين ليس مطلق اللقلقة والذكر اللساني ـ وإن كان للذكر اللساني ثوابه في حال توافر شروطه ـ بل أن تقترن بشروطها، وأهمّها أن يقولها الناطق بها بإخلاص، وللإخلاص حدوده في المعرفة والنفس والسلوك كما بيّنت الآيات والروايات، ممّا مرَّ بعضه وستأتي تتمّته إن شاء الله.
عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: «من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنّة، وإخلاصه أن تحجزه لا إله إلا الله عما حرّم الله عزّ وجلّ» (2).
وما يمكن المصير إليه أنّ التوحيد هو الأساس الذي به يتميّز أهل الجنّة من أهل النار.
تقريب الفكرة بأمثلة عرفية
في ضوء التأكيد الكبير الذي أشارت إليه هذه النصوص يتساءل الإنسان عن المراد بالتوحيد، والمطلوب منه، وبِم يوحّد الله سبحانه؟
نسعى إلى تقريب صورة المسألة من خلال مثال نستمدّه من الإنسان نفسه كموجود طبيعيّ. إذا ما قمنا بعملية تحليل للمركّب الذي يُطلَق عليه الإنسان وجدناه يتألّف من ذات وصفات وأفعال، فلهذا الموجود ذات وهوية، وله صفات، كما أنّ له أفعالاً.
أمّا الذات أو الهوية فالمقصود منها هو ما يتميّز به الإنسان عن غيره، فلو

ـــــــــــ

(1) التوحيد ، مصدر سابق، ص23.
(2) التوحيد ، ص 27.
صفحة 46

دخلنا بعملية مقارنة بين الإنسان والموجودات الأخرى لرأينا أنّ هناك عدداً من العناصر المشتركة بينهما، كما أنّ هناك أمراً يميّز الإنسان عن بقيّة الموجودات. لو بدأنا بعنصر الجسمية وأنّ الإنسان جسم من الأجسام، لرأينا أنّ هذا ليس ممّا يختصّ بالإنسان، بل هو عنصر مشترك بين جميع الموجودات المادّية، فما من موجود مادّي إلاّ وله جسم، وله طول وعرض وعمق ونحو ذلك. ولو لاحظنا في عملية المقارنة عنصر النمو لرأيناه لا يختصّ بالإنسان وحده، بل هو عنصر مشترك موجود في الحيوان والنبات أيضاً.
كذا الحال لو انطلقنا من عنصر التحرّك الإرادي فيما يقال عن الإنسان ـ في المنطق ـ من أنّه جسم حسّاس متحرّك بالإرادة، فإنّ هذا أيضاً لا يختصّ بالإنسان وحده بل الحيوانات هي الأخرى موجودات متحرّكة بتحرّك إراديّ؛ لذلك راح المناطقة والفلاسفة يبحثون عمّا يميّز الإنسان عن غيره فيما وراء هذه العناصر المشتركة، فاستقرّوا على النطق، عندما ذكروا في حقيقة الإنسان أنّه حيوان ناطق.
ومع اختلافهم في تحديد المراد من النطق؛ أهو القابلية على التكلّم والحديث، أم القابلية على إدراك المفاهيم الكلية؟ بعبارة أخرى: أهو أمر مرتبط بنطق الإنسان وتكلّمه اللساني، أم بتعقّله وإدراكه؟ بغضّ النظر عن هذا كلّه، وسواء كان المراد هذا أو ذاك، فقد اتّفقوا على أنّ ما يميِّز الإنسانَ عن غيره من الموجودات ـ كالحجر والشجر والبقر والغنم والسماء والأرض ـ لا يتمثّل في عناصره الجسمية أو النموّ أو الحركة الإرادية ونحو ذلك، وإنّما يكمن بتلك الحقيقة التي أطلقوا عليها خاصّة النطق.
هذه الحقيقة التي تميِّز الإنسان عن غيره هي التي يعبَّر عنها بهويّة الإنسان وذاته، ومن أهمّ خصائصها أنّها لو أُخذت من الإنسان وسُلبت عنه لما بقي
صفحة 47

إنساناً، لأنّ إنسانيته متقوّمة بها.
يمكن توضيح المسألة بالماء، فحقيقة الماء أنّه مركّب من عنصرين هما الأوكسجين والهيدروجين، ولو سُلب منه أحد هذين العنصرين لما بقي ماءً، ومعنى ذلك أنّ حقيقة الماء مركّبة من هذين العنصرين، كذلك حقيقة الإنسان وهويّته فهي أيضاً قائمة ومختصّة بالخصلة التي يعبِّر عنها المناطقة بـ «الناطقية» وهذه الخصوصية هي التي يعبَّر عنها بـ «الذات».
ثمَّ في مقابل الذات أمر آخر يعبَّر عنه بالصفات. فلو أخذنا الهوية الإنسانية كمثال، فإنَّ لها مجموعة من الصفات، فتارة يكون الإنسان عالماً وأخرى لا يكون، وتارة يكون شجاعاً وتارة لا يكون، وتارة يكون رحيماً وأخرى لا يكون، وهكذا. يعبَّر عن هذه الخصال بصفات الإنسان، والفرق بين الذات والصفة أنّ الذات إذا فقدت تلك الحقيقة المقوِّمة لها فلن تبقى بل تتغيّر وتفقد هويّتها، بخلاف الصفة؛ فالإنسان إنسان سواء أكان عالماً أم لم يكن.
الأمر نفسه ينطبق على مثال الماء، فالبرودة والحرارة هما صفتان من صفاته، إذ قد يبرد الماء وقد يكون حارّاً، ولكن لو ارتفعت الحرارة والبردوة فلا ترتفع حقيقة المائية عن الماء، لأنّها متقوّمة بشيء آخر، وهذا معناه أنّ الصفة شيء غير الذات.
وهذه المقولة تصحّ ما دام الحديث يدور حول الموجودات الممكنة الحادثة، أمّا في الواجب سبحانه فإنّ صفاته عين ذاته كما سيجيءُ تفصيله في بحث التوحيد الصفاتي إن شاء الله.
ممّا مرَّ يتبيّن أنّ الصفة هي عبارة عن تلك الهيئات والأمور التي قد توصف بها ذات من الذوات وقد لا توصف. وفرق الصفة عن الذات أنّ
صفحة 48

الصفة سواءً كانت موجودة أو رُفعت تبقى الذات على حالها، أي تبقى للموجود هويّته بما هي عليه دون أن يطرأ عليها تغيير.
لكن ثَمَّ نسق ثالث يدخل في تركيبة الإنسان بالإضافة إلى الذات والصفات. فعلاوة على أنّ الإنسان حيوان ناطق من صفاته أنّه عالم، جاهل، شجاع، جبان، بخيل، جواد، رحيم، قاس وما إلى ذلك، فإنَّ له أفعالاً تُنسب إليه كالقيام والجلوس والنوم واليقظة والأكل والشرب ونحوها. وبذلك ينتهي المركب الإنساني إلى ذات وصفات وأفعال.
في ضوء هذه المقدّمة يتبيّن أنّ الحديث عندما يجري عن توحيد الله سبحانه فهو تارة يدور عن الوحدة الذاتية التي تقع فيها الوحدة كصفة للذات، بما يعني أنّ ذاته واحدة، وثانية عن التوحيد الصفاتي بما يدلّ أنّ صفاته واحدة، وثالثة عن الأفعال بما يفيد أنّ أفعاله واحدة، وأنّ كلّ ما في الوجود إن هو إلاّفعله، وهو ما يُصطلَح عليه بالتوحيد الأفعالي.
د . دلالة النقل على المراتب الثلاث
اتّضح ممّا مرَّ أنّ معنى عقيدة التوحيد هو إيمان الموحِّد بتوحيد الله الذاتي والصفاتي والأفعالي؛ لكن أثمّة في الآيات والروايات ما يدلّ على هذه المراتب التوحيدية الثلاث أم هي محض تصنيف منهجيّ أملتْه متطلّبات البحث العلمي؟
ثَمَّ في الآيات والروايات دلالة واضحة على هذه المراتب، وهي تشير صراحة إلى توحيد الذات تارة وإلى توحيد الصفات تارة ثانية، وتشير ثالثة إلى توحيد الأفعال, بل أكثر من ذلك تشير أيضاً إلى أقسام كلّ ضرب من ضروب التوحيد هذه. على سبيل المثال ينقسم التوحيد الذاتي إلى توحيد واحديّ وأحديّ، وفي النصوص ما يشير إلى ذلك.
كما أنّ للتوحيد الأفعالي أقساماً متعدّدة تُنير النصوصُ الكريمة السبيلَ إلى

صفحة 49

اكتشافها وفهمها، منها توحيد الخالقية الذي يعني أنّ الخالق واحد لا شريك له، والتوحيد في التشريع الذي يعني أنّ المشرّع هو الله سبحانه، وتوحيد الرازقية الذي يعني أنّ الله هو الرازق، وهكذا إلى بقية صنوف التوحيد الأفعالي.
وبشأن هذه المراتب الثلاث ربّما كان في الحديث المرويّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله ما يشير إليها.
فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: «جاء جبرائيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا محمّد طوبى لمن قال من أمّتك: لا إله إلاّ الله وحده وحده وحده» (1). فمع أنّه من المحتمل أن يكون تكرار «وحده، وحده، وحده» قد جاء لغرض التأكيد، لكن يُحتمل ـ والله العالم ـ أن يكون في الرواية إشارة إلى التوحيد في مراتبه الثلاث، أي وحده ذاتاً، ووحده صفةً، ووحده فعلاً، ومن ثمّ تكون قد استوعبت التوحيد الذاتي والصفاتي والأفعالي.
هـ . التوحيد صفة
من الأفكار التمهيدية الأخرى التي ينبغي التلبّث عندها تحديد موقع التوحيد في التصنيف المألوف للصفات.
توجد تقسيمات متعدّدة للصفات؛ منها أن تقسَّم صفات الله سبحانه إلى جمالية وجلالية، أو بتعبير آخر: إلى صفات ثبوتية تَثْبُت لله، وأخرى سلبية ينزّه عنها سبحانه. ومن الواضح أنّ التوحيد يدخل في عِداد الصفات السلبية التي تعني نفي الشريك عن الله، وذلك على غرار نفي الجهل عنه وتنزيهه عن الجسمية ونحو ذلك من الصفات السلبية.
وفي هذا السياق ربما كان في قوله سبحانه: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ

ـــــــــــ

(1) التوحيد ، مصدر سابق، ص21.
صفحة 50

وَالإكْرَامِ) (1) إشارة إلى هذين النمطين من الصفات، حيث «الإكرام» إشارة إلى الصفات الثبوتية، و«الجلال» إشارة إلى الصفات السلبية، والله أعلم.
2 ـ توضيحات منهجية
عندما نصل إلى التوحيد الذاتي يواجهنا البحث الكلامي والفلسفي بتناول الموضوع من خلال بُعدين (2):
الأول: التوحيد الواحدي.
الثاني: التوحيد الأحدي.
لكن قبل أن نخوض في البحوث المختصّة بهذين البعدين، نمهّد بعدد من المقدّمات التي يمكن تنظيمها كما يلي:
أ . أساس المعرفة التوحيدية
إنّ مفتاح الولوج إلى عالم التوحيد الفسيح، والأصل الذي تقوم عليه معارفه، والمنطلق لذلك كلّه هي الوحدة وتحديد المراد من توحيده سبحانه فيما تشير إليه الآيات مثل قوله تعالى: (وَمَا مِنْ إلهٍ إلاَّ إلهٌ وَاحِدٌ) (3)، (وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (4)، (وَمَا مِنْ إلهٍ إلاَّ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (5).

ـــــــــــ

(1) الرحمن: 27.
(2) من باب الإشارة فإنَّ للعرفاء حينما يستخدمون «أحديّ» و «واحديّ» اصطلاحهم الخاصّ بهم. بيد أنّنا نتحدّث عمّا هو سائد في البحث الكلامي والفلسفي فيما يذهب إليه من تقسيم الوحدة الذاتية إلى وحدة واحدية ووحدة أحدية.
(3) المائدة: 73.
(4) الرعد: 16.
(5) ص: 65.
صفحة 51

فما لم يتمّ فهم مسألة الواحد لا تتيسّر عملية فهم بقية معارف التوحيد، فالخالقية والمعبودية والرازقية وكلّ الأسماء الحسنى التي وردت في القرآن يتعذّر فهمها حال إغفال تلك المسألة.
كما تتوقّف عملية فهم فعل الله على تلك المسألة أيضاً، التي تعود لتكون القاعدة التحتية التي ينهض عليها بناء المعرفة التوحيدية فيما يحويه من أجزاء وتفاصيل.
ب . معنى الوحدة
حينما ننتقل إلى معنى الوحدة في قولنا «إنّ الله واحد» نجد أنّ البحث الفلسفي تناول الوحدة والكثرة بأقسام متعدّدة، فالواحد قد يكون واحداً حقيقياً وقد لا يكون، والواحد الحقيقي قد تكون وحدته حقّة وقد لا تكون.
عند الرجوع إلى القرآن ثَمَّ آيات كثيرة تنسب الوحدة إلى الله وتصفه بها: (وَإلهُكُمْ إلهٌ وَاحِدٌ لا إلهَ إلاّ هُوَ) (1)، فما طبيعة هذه الوحدة؟ أهي وحدة حقيقية أم وحدة غير حقيقية؟ وإذا كانت حقيقية فهل هي وحدة حقيقية حقّة؟ هذه أسئلة تدخل الإجابة عنها في مضمار البحث الفلسفي.
للعرفاء تقسيم للوحدة أيضاً، حيث قسّموها إلى وحدة عددية ووحدة غير عددية. بعبارة أدقّ إلى وحدة عددية ووحدة حقّة حقيقية. فهي «حقّة» باعتبار أنّ للحقيقة أقساماً، وليس المراد أن يوصف الله بأيّ واحدة من تلك الأقسام، بل المراد أن يوصف بالوحدة الحقّة الحقيقية التي هي عين الذات لا صفة زائدة عليها. فالصفة ـ في حال وصف الله بالوحدة ـ ليست شيئاً زائداً على الموصوف بل هي عين الموصوف.

ـــــــــــ

(1) البقرة: 163.
صفحة 52

ج . الوحدة العددية والوحدة الحقّة الحقيقية
يمكن إضاءة المسألة بأمثلة توضّح الفارق بين الوحدة العددية والوحدة الحقّة الحقيقية. الوحدة العددية هي التي إذا انضمَّ إليها شيء آخر صارت اثنين، وإذا انضمّ إلى الاثنين شيء صارا ثلاثة وهكذا. ومن أهمّ خصائص الوحدة العددية المحدودية والانتهاء، فما لم ينته الأوّل لا تصل النوبة إلى الثاني، فلا يقال للكتاب ثانٍ إلاّ عندما ينتهي الأوّل، أمّا لو كان هناك كتاب لا نهاية له فلا يكون ثمَّ مجال لكتاب ثانٍ فمتى انتهى الأوّل ليكون هناك ثان؟
لذلك جاء في كلام الإمام علي عليه السلام ما يربط بين الحدّ والعدد، فإذا ما حُدَّ الشيء فسيتعدّد، أي يقبل الثاني والثالث: «ومَن أشار إليه فقد حدَّه، ومن حدّه فقد عدَّه» (1).
على الأساس نفسه رفض الإمام منطق الوحدة العددية؛ إذ لا يجوز أن يوصف الله بالوحدة العددية؛ وذلك حيث يقول عليه السلام في جواب من سأله يوم الجمل: أتقول إنّ الله واحد؟: «فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز، لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد».
وفي ضوء المنطق ذاته كفّر القرآن من يذهب إلى أنّ الله ثالث ثلاثة، كما استدلّ الإمام أمير المؤمنين للرجل، بقوله: «أما ترى أنّه كفر من قال: إنّه ثالث ثلاثة» (2) في إشارة إلى نظرية النصارى كما حكاها القرآن، في قوله: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إلهٍ إلاَّ إلهٌ وَاحِدٌ) (3) حيث أمرهم أن ينتهوا عن هذا القول ويكفّوا عنه: (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) (4),

ـــــــــــ

(1) نهج البلاغة، مصدر سابق، ص40.
(2) بحار الأنوار ، مصدر سابق، ج3، ص206 ـ 207.
(3) المائدة: 73.
(4) النساء: 171.
صفحة 53

(وَإنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (1).
فالمراد من الوحدة الحقّة الحقيقية سنخ واحد لا نهاية له، لا يقبل الثاني. فثَمَّ فرق كبير بين أن يقبل وجود الله وجود الثاني، ولكن لا يوجد ثان، وبين أن لا يقبل وجوده وجود الثاني أساساً.
على سبيل المثال قد تقتني ساعة وتصفها لفرط جودتها وجمالها ومواصفاتها الأخرى أنّها لا ثاني لها، ولكن ليس معنى ذلك أنّه لا يمكن أن يوجد لها ثان، فالآن ليس لها ثان أمّا في المستقبل فقد يوجد لها ثان.
يمكن أن نقرّب الصورة أكثر من خلال مثال من الألوان:
فلو صار الشيء أبيض، لا يمكن أن يكون أسود في الوقت ذاته بحيث يجتمع البياض والسواد على شيء واحد. وعدم الإمكان هذا لا يقتصر على اللحظة هذه بل هو يشمل الماضي ويسري إلى المستقبل، فمن المحال أن يكون الشيء أبيض وأسود في آن واحد لا فيما سبق ولا حاضراً ولا فيما سيأتي، وهذا ما يُطلق عليه في اللغة العلمية باستحالة اجتماع الضدّين. كذلك حال الوجود والعدم، فالشيء ـ كزيد مثلاً ـ لا يمكن أن يكون موجوداً ومعدوماً في الوقت نفسه، لا حاضراً ولا في الماضي، كما يستحيل أن يتحقّق هذا الأمر مستقبلاً.
وفي وحدانية الله سبحانه هل المراد أنّه لا يوجد له ثان فعلاً؟ أم استحالة أن يكون له ثانٍ أصلاً. الاعتقاد الصحيح أن نؤمن ـ بصفتنا موحِّدين ـ باستحالة أن يكون لله ثان. وهذا لا يتحقق إلاّ برفض أن تكون وحدته وحدة عددية، وإلاّ فلو كانت وحدته سبحانه عددية فإنّ من خواص هذه الوحدة التكرّر والإضافة، ومن ثمّ يمكن أن يقع التعدّد، فلا محذور من حيث الإمكان. وذلك بعكس الوحدة الحقّة الحقيقية التي لا تقبل الإضافة والتكرّر، لأنّ الواحد فيها سنخ واحد لا نهاية له لكي يقبل الثاني، ويكون له ثان.

ـــــــــــ

(1) المائدة: 73.
صفحة 54

د . الفتح المعرفي القرآني
ثَمّ دعوى للقرآن في هذا الشأن يقابلها تنويعات في مواقف الفلاسفة والمتكلّمين والعرفاء في طبيعة الوحدة التي يتّصف بها الله، أهي وحدة عددية أم وحدة غير عددية؟ فالقرآن الكريم فيما ذهب إليه من الوحدة الحقّة الحقيقية هو فاتح هذه المنطقة من المعرفة الإلهية التي كانت مغلقة قبل الإسلام، وظلّت هكذا من بعده برغم كثافة نصوص أئمّة أهل البيت ولاسيّما الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
ما يُستشفّ من البحث الفلسفي لفلاسفة ما قبل الإسلام وممّن تصدّى للمعارف الإلهية من فلاسفة المسلمين حتّى فترة متأخّرة من العصر الإسلامي أنّهم ـ على السواء ـ يذهبون إلى أنّ وحدة الله سبحانه هي وحدة عددية، حيث يسجّل باحث متضلّع في هذا المضمار نتائج تَقصّيه بقوله: «لذلك ترى المأثور من كلمات الفلاسفة الباحثين في مصر القديم واليونان وإسكندرية، وغيرهم ممّن بعدهم، يعطي الوحدة العددية، حتى صرّح بها مثل الرئيس أبي علي بن سينا في كتاب الشفاء، وعلى هذا المجرى يجري كلام غيره ممّن بعده إلى حدود الألف من الهجرة النبوية. وأمّا أهل الكلام من الباحثين فاحتجاجاتهم على التوحيد لا تعطي أزيد من الوحدة العددية أيضاً، مع أنّ هذه الحجج مأخوذة من الكتاب العزيز عامّة» (1).
والنقطة الدقيقة التي تتركها هذه الحصيلة هي أنّ العقل الإنساني لو تُرك وشأنه بعيداً عن نور الوحي وهدي السماء لما انتهى إلى أكثر من الوحدة العددية؛ ما يشير إلى أنّ للعقل منطقة معرفية لا يتعدّاها بإمكاناته المستقلّة، ويحتاج إن رام أن يرتقي أعلى منها إلى مَن يأخذ بيده.

ـــــــــــ

(1) الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج6، ص104.
صفحة 55

في العصر الإسلامي كان القرآن الكريم ـ كما أسلفنا ـ هو الذي فتح هذه المنطقة المغلقة، حيث سارت بموازاته بيانات مدرسة أهل البيت عليهم السلام وعلى رأسهم سيِّد الموحدين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
بيدَ أنّ المفارقة أنّ هذا المجال بقي مع ذلك مؤصداً لم تزدهر في حقله نظرات المسلمين ولم تتفتّح إلاّ بعد قرون؛ ما يكشف عن حصيلتين اثنتين:
الأولى: أنّ القرآن لا يكفي وحده من دون أن يقرن بالثقل الثاني؛ فقد نصّ النبيّ صلى الله عليه وآله بأنّهما لن يفترقا، وبهما معاً تكون الهداية التامّة. فمع أنّ القرآن فتح الباب إلى الوحدة غير العددية أي الوحدة الحقّة الحقيقية إلاّ أنّ أصحاب النظر من فلاسفة ومتكلّمين وعلماء لم ينتهوا إلى أكثر من الوحدة العددية عندما تغاضوا عن عطاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام وما تحظى به نصوصهم من ثراء على هذا الصعيد.
الثانية: أنّ معطيات هذه المسألة لم تتفتح تفصيلاً في مضمار المعارف الإلهية في مدرسة أهل البيت أيضاً إلاّ بعد مرور قرون، وهو ما يكشف من جهة عن دقّتها وحاجتها إلى المزيد من النباهة وإمعان النظر. كما أنّه يكشف من جهة أخرى عمّا يجرّ إليه الإغضاء عن المعاني العقلية الدقيقة والرفيعة التي تنطوي عليها نصوص الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في مجال المعرفة التوحيدية.
ولإدراك مغزى هذه الإشارة يعلن البحث الفلسفي صراحة: أنّه لم يكتشف الوحدة الحقّة الحقيقية من القرآن إلاّ بمعونة روايات أئمّة أهل البيت عليهم السلام، حيث سعى بعض فلاسفة المسلمين، ومنهم صدر الدين الشيرازي (979 ـ 1050هـ) إلى الاستدلال على هذه الوحدة ونفي الوحدة العددية عنه سبحانه.
الأكثر من ذلك والأهمّ منه أنَّ باحثاً معاصراً متضلّعاً في البحث الفلسفي والعقلي ـ السيّد محمد حسين الطباطبائي ـ يُصرّح بعدم حاجة المسألة إلى بحث
صفحة 56

فلسفيّ مستقلّ، عندما يُنظر إليها من خلال كلام الإمام أمير المؤمنين، وما فيه من مسلك الاحتجاج البرهانيّ التامّ؛ قال ما نصّه: «ولهذا بعينه تركنا عقد بحث فلسفيّ مستقلّ لهذه المسألة، فإنّ البراهين الموردة في هذا الغرض مؤلَّفة من هذه المقدّمات المبيّنة في كلامه عليه السلام لا تزيد على ما في كلامه بشيء» (1).
وبدورنا سوف نستغني عن الدليل العقلي لإثبات الوحدة الحقّة الحقيقية، لأنّ ما أقامه الفلاسفة من أدلّة في هذا المجال وما توفّر عليه البحث العقلي من مقدّمات مستبطَن بأجمعه في الأدلّة التي أشار إليها القرآن الكريم وما تضمّنته روايات أئمّة أهل البيت بالأخصّ نصوص الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، ومن ثَمَّ فهي من قبيل أدلّة ما بعد الوقوع.
هـ . التمييز بين البعدين
من الطبيعي أن تميّز كتب اللغة هي الأخرى بين الواحد والأحد بطرق متعدّدة، منها ما يذكرونه من أنّ المشهور في كلام العرب استخدام «الأحد» بعد النفي و«الواحد» بعد الإثبات، فيقال كمثال على الأوّل: «ما في الدار أحد» وعلى الثاني: «في الدار واحد».
كما أنّ في الاستخدام القرآني ما يشبه هذا التمييز، حيث قول الله سبحانه: (وَإلـهُكُمْ إلهٌ وَاحِدٌ) (2) وقوله: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ) (3) وقوله (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) (4) وقوله: ﴿لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ) (5).

ـــــــــــ

(1) الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج6، ص105.
(2) البقرة: 163.
(3) التوبة: 84.
(4) آل عمران: 84.
(5) الأحزاب: 32.
صفحة 57

أمّا الجهة التي يتركّز عليها تمييز المتكلّمين بين الواحد والأحد فتتمثّل بطبيعة الذات الإلهية ومعرفة هل لهذه الصفات ثان أو شريك أو شبيه، كما لو فرضنا أنّ لعليّ شبيهاً ونظيراً في الإنسانية هو زيد.
هل لله سبحانه شبيه ونظير ومثيل؟ إنّ مهمّة النفي في هذه المقولة هي التي ينهض بها التوحيد الواحدي، فوظيفة هذا القسم من التوحيد نفي الثاني والنظير والمثيل والشبيه والشريك.
أمّا التوحيد الأحدي فيتحرّك باتجاه آخر مفاده البحث في الذات الإلهية نفسها؛ أهي بسيطة أم مركّبة؟
يمكن توضيح الفوارق القائمة بين البحثين من خلال العودة إلى مثال عرفيّ هو الماء. فالماء مركّب من عنصرين أحدهما الأوكسجين والآخر الهيدروجين، ثم تستمرّ عملية التجزئة والتحليل حتى تنتهي إلى العناصر البسيطة وهكذا تتألّف الأعيان المادّية من عناصر بسيطة وأخرى مركّبة.
السؤال المطروح على هذا الصعيد من البحث التوحيدي: هل الله سبحانه موجود مركّب أم هو موجود بسيط؟ في التوحيد الأحدي نحن بصدد إثبات أنّ الله بسيط، فننفي التركيب عنه سبحانه، بصرف النظر عمّا إذا كان له ثان أم لا. فمدار البحث هو بساطة الذات وتركيبها وليس نفي الثاني والنظير.
و . القرآن وبُعدا التوحيد الذاتي
في ضوء هذه النقطة المنهجية هل يمكن القول أنّ القرآن الكريم يُجاري هذا التقسيم الكلامي ويراعيه في استخدامه «الواحد» و«الأحد»، كما في قوله سبحانه: (وَإلَـهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ) (1) وقوله: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (2)؟

ـــــــــــ

(1) البقرة: 163.
(2) الإخلاص: 1.
صفحة 58

لا يمكن القول أنّ الاستخدام القرآني في الآيات المعنيّة يجاري الاصطلاح الكلامي، بحيث يبتغي من قوله سبحانه: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) التوحيد الأحدي، ومن قوله: (وَإلهُنَا وَإلهُكُمْ وَاحِدٌ) (1) التوحيد الواحدي.
فالنصوص القرآنية والروائية ليست بصدد ذلك، وإن كان فيها ما يدلّ على نفي الشريك (التوحيد الواحدي) من جهة، وما يدلّ على البساطة ونفي التركيب (التوحيد الأحدي) من جهة أخرى. والأكثر من ذلك نجد أنّ هذه النصوص تستخدم أحدهما مكان الآخر من دون إيلاء أهمّية للتمييز الكلامي.
لا يقتصر الأمر على النصوص القرآنية والروائية، بل تشهد نصوص قدماء الفلاسفة أيضاً على عدم التمييز الاصطلاحي بين الواحد والأحد، إذ هم يستخدمون الاثنين بمعنىً واحد.
في ضوء هذا ذهب بعض الباحثين المعاصرين للقول: «وليعلم أنّ لفظ الواحد والأحد استعمل في كلمات الأقدمين، وفي لسان الأخبار والأحاديث بمعنىً واحد، أي استعمل كلّ واحد منهما مكان الآخر» (2).
فإذا واجهنا قول الله تعالى: (وَإلهُكُمْ إله وَاحِدٌ) أو (وَإلهُنَا وَإلهُكُمْ وَاحِدٌ) فلا يدلّان بالضرورة على التوحيد الواحدي. وكذلك إذا واجهنا قوله سبحانه: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وقوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) فلا يعني ذلك ضرورة التوحيد الأحدي؛ لإمكان استعمال أحدهما مكان الآخر.
في الروايات الشريفة ما يدلّ على الاستخدام الموحَّد، كما في قول الإمام محمد الباقر عليه¬ السلام: «الأحد الفرد المتفرّد، والأحد والواحد بمعنى واحد، وهو المتفرّد الذي لا نظير له» (3).

ـــــــــــ

(1) العنكبوت: 46.
(2) النظرة الدقيقة في قاعدة بسيط الحقيقة، محمود شهابي¬الخراساني، طهران 1396هـ ص94.
(3) توحيد الصدوق، مصدر سابق، ص90.
صفحة 59

من هنا قد تنطبق القاعدة المعروفة على «الواحد» و«الأحد» فيما ذهب إليه بعض الكتّاب من أنّهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا. ومعنى ذلك أنّه إذا جاءت المفردتان في جملة واحدة فسيكون للواحد معنىً وللأحد معنىً آخر، بناءً على أنّ التأسيس أولى من التأكيد. أمّا إذا افترقا فلا يوجد دليل أو شاهد على أنّهما قد استخدما بمعنيين.
بسند عن ابن عبّاس، قال: جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلى الله عليه وآله، فقال: «يارسول الله علّمني من غرائب العلم؟ قال صلى الله عليه وآله: ما صنعت في رأس العلم حتى تسأل عن غرائبه؟ قال الرجل: ما رأس العلم يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: معرفة الله حقّ معرفته، قال الأعرابي: وما معرفة الله حقّ معرفته؟ قال: تعرفه بلا مثل، ولا شبه، ولا ندّ، وأنّه واحد أحد، ظاهر باطن، أوّل آخر، لا كفو له، ولا نظير، فذلك حقّ معرفته» (1). فقد يمكن القول إنّ لفظة «واحد» تشير في الحديث الشريف إلى التوحيد الواحدي، ولفطة «أحد» تشير إلى التوحيد الأحدي، على أنّ الحديث يدور برمّته حول معرفة الحقّ سبحانه ذاتاً حقّ معرفته.
ز . العلاقة بين المراتب الثلاث
سلفت الإشارة إلى وجود ثلاث مراتب للتوحيد بينها علاقة ترابطية محكمة على مستوى الإثبات، فإذا ما ثبت التوحيد الذاتي بمعنييه المشار إليهما فسوف يثبت التوحيد الصفاتي والتوحيد الأفعالي، وإنّ ما يتشعّب على التوحيد الأفعالي من فروع وبحوث تفصيلية يرجع أساسه إلى التوحيد الذاتي ببعديه الواحدي والأحدي.

ـــــــــــ

(1) توحيد الصدوق، باب 40، ص284، ح5؛ النظرة الدقيقة في قاعدة بسيط الحقيقة مصدر سابق، ص103 ـ 104

ـــــــــــــــــــــــ
ح . تحليل حديث واقعة الجمل
في الحديث النبوي الذي مرَّ علينا قبل قليل, توجد إشارة يمكن أن يُستظهر منها التمييز بين «الواحد» و«الأحد»، لكن حديث واقعة الجمل يمكن أن يقدّم مثالاً تطبيقياً آخر يفيد استخدام أحدهما بمعنى الآخر.
فإذا ما عدنا إلى حديث الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الجمل حينما نهض الأعرابيّ وسأله: يا أمير المؤمنين؛ أتقول أنّ الله واحد؟ نجد في جواب الإمام علي عليه السلام ما يفيد استخدامهما بمعنىً واحد. فبعد أن منع عنه الإمام اعتراض من اعترض عليه بحجّة اشتغال الإمام بأمر الحرب، ردّ على الرجل بقوله عليه السلام: «يا أعرابيّ, إنَّ القول في أنّ الله واحد على أربعة أقسام، فوجهان منها لا يجوزان على الله عزّ وجلّ، ووجهان يثبتان فيه. فأمّا اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل (واحد) يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز, لأنَّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد؛ أما ترى أنّه كفر من قال إنّه ثالث ثلاثة؟ وقول القائل (هو واحد من الناس) يريد به النوع من الجنس، فهذا لا يجوز عليه لأنّه تشبيه، وجلّ ربّنا عن ذلك وتعالى.
وأمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه، فقول القائل: (هو واحد ليس له في الأشياء شبه)، كذلك الله ربّنا. وقول القائل: (إنّه أحدي المعنى)، يعني به أنّه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم، كذلك ربنا عزّ وجلّ » (1).
يمكن أن نستنتح من الرواية النقاط التالية:
1 ـ يتّضح من كلامه عليه السلام (إنّ القول في أنّ الله واحد على أربعة أقسام): أنّه أطلق الواحد وأراد الأحد، وفي ذلك دليل على أنّ القرآن والرواية لم يراعيا الاصطلاح الكلامي الدارج في التمييز بين التوحيد الواحدي

ـــــــــــ

(1) التوحيد ، مصدر سابق، ص83 ـ 84.

ــــــــــــــــــــــــــــــ
صفحة 61

والتوحيد الأحدي، فقد يُطلِقان الواحد ويريدان الأحد، وقد يستخدِمان الأحد ويريدان الواحد، اللّهمّ إلاّ كما ذكره بعض من أنّهما إذا اجتمعا افترقا.
2 ـ قوله عليه السلام (فوجهان منها لا يجوزان): لا يعني به ـ بداهةً ـ عدم الجواز الفقهي وأنّهما حرام فقهياً، وإنّما أراد به الوجه الكلامي العقليّ، وأنّهما باطلان على الله لا يصحّان عليه سبحانه.
3 ـ قوله عليه السلام (فقول القائل «واحد» يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز): إشارة إلى التوحيد الواحديّ؛ إذ لا يصحّ القول بأنّ الله واحد عدديّ، ومن ثَمَّ فإنّ الإمام بصدد نفي الثاني والشريك، ونفي الشبيه والمثل والنظير، وهذا ما ينهض به البحث في التوحيد الواحدي.
4 ـ أمّا قوله عليه السلام: (وقول القائل: «هو واحد من الناس» يريد به النوع من الجنس) فيريد به نفي التركيب والتجزئة لإثبات البساطة.
لقد نفى الإمام في الجهة الأولى من كلامه الوحدة العددية، ونفى في الجهة الثانية التركيب، فأثبت في الأوّل الواحدية وفي الثاني الأحدية بحسب الاصطلاح الكلامي.
5 ـ وممّا يدلّ في كلامه على الأحدية بمعنى إثبات البساطة ونفي التركيب قوله عليه السلام: «إنه عزّ وجلّ أحديّ المعنى».
المستخلص من هذه الإشارة أنّ نصوص أئمّة أهل البيت وإن لم تراع التمييز الاصطلاحي بين الواحد والأحد، إلاّ أنّه يمكن القول إنَّ لهذا الاستخدام الذي درج عليه المتكلّمون وأهل الفلسفة نحو منشأ في نصوصهم عليهم السلام.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هناك تكملة وهي الاستدلال الوائي والاستدلال القراني





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التوحيد للسيد كمال الحيدري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التوحيد للسيد كمال الحيدري
» التوحيد للسيد كمال الحيدري
»  الامامة عند الفريقين للسيد العلامة اية الله كمال الحيدري
»  السيد كمال الحيدري يفضح إبن تيمية 1
» الاستدلال القرآني والاستدلال الروائي على التوحيد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأقمار الخمسة :: الفئة الأولى :: القسم الإسلامي-
انتقل الى: