لقد قراة من كتاب السيد اية الله العظمى كمال الحيدري في كتابه (التوحيد) ووجدت ماهو لا يمكن لاي انسان ان يقول عبادتي صحيحة بدون هذا التوحيح فراس العلم هو معرفة الله سبحانه وتعالى وهو احد الاصول الخمسة التي بدونها يحشر الانسان الى جهنم والان ادخل الى الكتاب لمعرفة الله حق معرفته
فالمعرفة مقدّمة للعبادة، وما لم يهتد الإنسان إلى الله تعالى ويعرفه، فلا طريق له للوصول إلى العبادة أساساً، بل قد ينحدر إلى هوّة سحيقة.
قال قوم للإمام الصادق عليه السلام: ندعو فلا يُستجاب لنا؟ قال: «لأنّكم تدعون من لا تعرفونه» (1)
وفي الحديث الشريف: «من هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه» (2).
ذن: مادامت المعرفة التوحيدية تأتي في الذروة على خطّ المعرفة الإسلامية، فسيكون نافعاً أن نبصر موقعها هذا، عبر عدد من الإضاءات الدالّة التي توفّرها النصوص التالية:
1 ـ جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله علّمني من غرائب العلم. قال: ما صنعت في رأس العلم حتى تسأل عن غرائبه؟! قال الرجل: ما رأس العلم يا رسول الله؟ قال: معرفة الله حقّ معرفته (3).
2 ـ كان الإمام أمير المؤمنين في لجّة المعركة في يوم الجمل، وإذا برجل يسأله: يا أمير المؤمنين، أتقول إنّ الله واحد؟ فما كان من الناس إلاّ أن حملوا عليه؛ متذرّعين بأنّ الساحة ساحة معركة، والساعة ساعة حرب واحتدام سيوف، لا سؤال ومعرفة، وقالوا: يا أعرابيّ، أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم النفس؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «دعوه؛ فإنّ الذي يريده الأعرابيّ هو الذي نريده من القوم» (4) أي: علامَ نحاربهم؟ إنّما نحاربهم على
التوحيد الحقّ بمكوّناته ولوازمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) التوحيد، الشيخ الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت: 381هـ)، تحقيق السيد هاشم الحسيني الطهراني، دار المعرفة، بيروت، ص288، الحديث: 7.
(2) تحف العقول عن آل الرسول، مصدر سابق، ص 356.
(3) التوحيد، باب 40، ص 284، ح 5 و في النصّ تتمّة رائعة ستأتي في ثنايا الكتاب.
(4) بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار عليهم السلام، الشيخ محمد باقر المجلسي، بيروت 1983، ج 3، ص 206. وللحديث تتمّة تنطوي على كنوز في المعرفة التوحيدية كما سيوافينا بعدئذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الان اريد من الكتب فقط ان ابين لكم معن الله واحد ومعنى ان الله احد لا اطيل عليكم الكتاب سوف يوضح ذلك
درجت منهجية البحث التوحيدي في فكر المسلمين على تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، هي:
1 ـ التوحيد الذاتي.
2 ـ التوحيد الصفاتي.
3 ـ التوحيد الأفعالي.
ينقسم التوحيد الذاتي بدوره إلى التوحيد الواحدي والتوحيد الأحدي. ومع أنّ الموضوع الأساسي لهذا البحث يدور منهجياً حول التوحيد الذاتي بقسميه, لكن من المفيد قبل الدخول في لجّة البحث العلمي التقديم له بعدد من الأفكار التمهيدية التي ترتبط بالتوحيد عامّة وعدد من المقدّمات المنهجية ذات الصلة ببعدي التوحيد الذاتي خاصّة، ليكتسب البحث الخريطة التالية:
البحث الأول: أفكار تمهيدية ومقدّمات منهجية.
البحث الثاني: التوحيد الواحدي.
البحث الثالث: التوحيد الأحدي.
ـ أفكار تمهيدية
ثمَّ عدد من الأفكار والمداخل تُساهم بإضاءة المشهد التوحيدي قاطبة من خلال ما تلقي عليه من أضواء كاشفة تعين على ضبط الرؤية واتساق المسار؛ منها:
أ . فطرة التوحيد
يتجنّب المنهج القرآني في التوحيد البحث في إثبات وجود الله ـ في الأعمّ الأغلب ـ (1) ويتناول موضوعه من زاوية توحيد وجوده وألوهيّته وربوبيّته وغيرها من مراتب التوحيد؛ ومغزى ذلك أنّ القرآن يتعامل مع وجود الله كأمر ثابت جُبل عليه الإنسان، مودع في فطرته (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (2). فالأحاديث متظافرة في تفسير الفطرة بالتوحيد.
- عن هشام بن سالم قال: «قلت ـ للإمام الصادق عليه السلام ـ : (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) قال: التوحيد» (3).
ـــــــــــ
(1) من الآيات التي أشارت إلى إثبات أصل وجوده تعالى: (أَمْ خُلقوا منْ غَيْر شَيْء أمْ همُ الخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ) الطور: 35، 36.
(2) الروم: 30.
(3) الكافي: ج2 ص12، كتاب الإيمان والكفر، باب فطرة الخلق على التوحيد، الحديث1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
عن زرارة، قال: «قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام: أصلحك الله، قول الله عزّ وجلّ في كتابه (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) قال: فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفته أنّه ربّهم. قلت: وخاطبوه؟ فطأطأ رأسه، ثم قال: لولا ذلك لم يعلموا من ربّهم ولا من رازقهم (1).
وقول الإمام عليه السلام (عند الميثاق) إشارة إلى قوله تعالى (وَإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) (2).
- قال زرارة: سألت أبا جعفر الباقر عن قول الله عزّ وجلّ (وَإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ...) قال عليه السلام: «أخرج من ظهر آدم ذرّيته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذرّ، فعرّفهم وأراهم صُنعه، ولولا ذلك لم يعرف أحدٌ ربّه» (3).
وهذا ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في ظلال هذه الآية أيضاً حيث قال: «فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه، ولولا ذلك لم يدرِ أحد من خالقه ورازقه» (4).
وإذا كان كلّ إنسان مولوداً على الفطرة ـ كما عن رسول الله صلى الله عليه وآله: «كلّ مولود يولد على الفطرة، يعني على المعرفة بأنّ الله خالقه» (5) ـ إذن فكلّ إنسان مولود على التوحيد، لأنّ الفطرة هي التوحيد ومعرفة الله سبحانه. وهكذا صار الأصل الأوّل من أصول الدين توحيد وجوده لا إثبات وجوده.
ـــــــــــ
مؤمنين علي بن أبي طالب خطواته بدقّة في قوله: «أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه»(1).
ج . فضيلة المعرفة التوحيدية
ما دمنا لم نلج بعدُ تفاصيل البحث العلمي في التوحيد وأنواعه ومقوّمات كلّ نوع، نمرّ على إضمامة من الأحاديث الشريفة في هذا المجال؛ لما تحدثه لدى الإنسان الموحِّد من شحنة مكثّفة من الإحساس التوحيديّ ترشد لمكانة الموحّدين وتمهّد السبيل للبحث العلمي، بما تحدثه من انشراح في النفوس والصدور.
في الأحاديث الشريفة تركيز كبير على ثواب الموحّدين يقوم على أساس ما يحمله الموحِّدون من معرفة توحيدية. فإذا ما أجَلْنا الطرف في كتاب واحد من كتب أحد علمائنا المحدّثين وهو أبو جعفر محمد بن عليّ بن الحسين المشهور بالصدوق (ت: 381 هـ) لرأيناه يفرد في كتابه النفيس «التوحيد» باباً بعنوان «ثواب الموحِّدين» يسرد فيه عدداً كبيراً من الأحاديث تصل إلى خمسة وثلاثين حديثاً, منها:
- عن أبي سعيد الخدريّ، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل لا إله إلاّ الله» (2).
- وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير العبادة قول لا إله إلاّ الله» (3). وورد عن النبيّ
ـــــــــــ
(1) نهج البلاغة، مصدر سابق، الخطبة رقم 1، ص39.
(2) التوحيد، مصدر سابق، الشيخ الصدوق، دار المعرفة، بيروت، ص18.
(3) المصدر السابق، ص18.
(1) التوحيد للصدوق: ص330، باب فطرة الله عزّ وجلّ الخلق على التوحيد، الحديث 8.
(2) الأعراف: 172.
(3) الكافي، مصدر سابق، ج 2، ص 13، الحديث 2.
(4) تفسير القمّي، لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمي، تصحيح وتقديم السيد طيب الموسوي الجزائري، الطبعة الرابعة، قم 1988: ج 1، ص 248.
(5) الكافي ، نقلاً من: الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج16، ص188.
ــــــــــــــــــــــــ
ب . الكمال والمعرفة التوحيدية
هناك صلة بين الكمال والمعرفة التوحيدية. فالإنسان مشدود في حركته الحياتية إلى كماله، وثَمّ نقطة يلتقي عندها الكمال بالتوحيد ينبغي معرفتها.
لقد أشار القرآن الكريم في آيات عديدة إلى أنّ كلّ شيء مسخّر لأجل الإنسان (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) (1)، حتى الملائكة مسخّرة لتدبير أمور الإنسان (فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْراً) (2) فيما تقوم به وفاقاً لدورها من إنزال الوحي والرزق وغير ذلك.
ما تهدف إليه حركة التسخير هذه هو أن يتحرّك الإنسان صوب كماله النهائي. عندما نأتي إلى القرآن لنستنطقه عن هدف الخلق، يواجهنا قول الله سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (3). وهذه العبادة لا تمثّل الهدف النهائي لوجود الخلق، وإنّما هي وسيلة وحسب لبلوغ الكمال النهائي المتمثّل في اليقين بالله (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (4).
والذروة في هذا اليقين هو ما بلغه أنبياء الله العظام على هذا الخطّ، حيث يصف القرآن الكريم مقام خليل الرحمن بقوله: (وَكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ) (5).
فكلّ شيء إذن مسخّر للإنسان كي يبلغ كمالَه، وكمالُ الإنسان في معرفة الله، وبلوغ اليقين بهذه المعرفة.
وهنا يلتقي الكمال بالمعرفة التوحيدية وفق مسار يرسم الإمام أمير
ـــــــــــ
(1) الجاثية: 13.
(2) النازعات: 5.
(3) الذاريات: 56.
(4) الحجر: 99.
(5) الأنعام: 75.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لمؤمنين علي بن أبي طالب خطواته بدقّة في قوله: «أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه»(1).
ج . فضيلة المعرفة التوحيدية
ما دمنا لم نلج بعدُ تفاصيل البحث العلمي في التوحيد وأنواعه ومقوّمات كلّ نوع، نمرّ على إضمامة من الأحاديث الشريفة في هذا المجال؛ لما تحدثه لدى الإنسان الموحِّد من شحنة مكثّفة من الإحساس التوحيديّ ترشد لمكانة الموحّدين وتمهّد السبيل للبحث العلمي، بما تحدثه من انشراح في النفوس والصدور.
في الأحاديث الشريفة تركيز كبير على ثواب الموحّدين يقوم على أساس ما يحمله الموحِّدون من معرفة توحيدية. فإذا ما أجَلْنا الطرف في كتاب واحد من كتب أحد علمائنا المحدّثين وهو أبو جعفر محمد بن عليّ بن الحسين المشهور بالصدوق (ت: 381 هـ) لرأيناه يفرد في كتابه النفيس «التوحيد» باباً بعنوان «ثواب الموحِّدين» يسرد فيه عدداً كبيراً من الأحاديث تصل إلى خمسة وثلاثين حديثاً, منها:
- عن أبي سعيد الخدريّ، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل لا إله إلاّ الله» (2).
- وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير العبادة قول لا إله إلاّ الله» (3). وورد عن النبيّ
ـــــــــــ
(1) نهج البلاغة، مصدر سابق، الخطبة رقم 1، ص39.
(2) التوحيد، مصدر سابق، الشيخ الصدوق، دار المعرفة، بيروت، ص18.
(3) المصدر السابق، ص18.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلى الله عليه وآله: «الاستغفار وقول لا إله إلاّ الله خير العبادة» (1) وفيه إشارة إلى قول الله سبحانه: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) (2).
- وفي السياق ذاته ما ورد عن جابر بن عبدالله، عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: «الموجبتان؛ مَن مات يشهد أن لا إله إلاّ الله [وحده لا شريك له] دخل الجنّة، ومن مات يشرك بالله دخل النار»(3).
والمقصود من الموجبة في الحديث هو ما يوجب دخول الجنّة وما يوجب دخول النار (4). فالتوحيد يوجب دخول الجنّة، ولكن ليس مطلق التوحيد بل التوحيد بشرطه وشروطه، والشرك يوجب دخول النار (إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (5).
وفيما يكون قيداً لكلمة التوحيد لكي يستوجب صاحبها الجنّة، جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله: «إنّ لا إله إلاّ الله كلمة عظيمة كريمة على الله عزّ وجلّ، من قالها مخلصاً استوجب الجنّة». فليست هذه الكلمة تستوجب الجنّة مطلقاً، وإنّما تستوجبها لصاحبها مع الإخلاص، وكما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه».
أمّا من يقولها كاذباً غير مخلص، فالحديث يشير في تتمّته إلى أنّ جزاءَه بها
ـــــــــــ
(1) الأصول من الكافي، مصدر سابق، ج2، ص505.
(2) محمد: 19.
(3) التوحيد، مصدر سابق، ص20.
(4) في الحديث الشريف عن زرارة، عن الإمام محمد الباقر عليه السلام قال: «لا تنسوا الموجبتين ـ أو قال: عليكم بالموجبتين ـ في دبر كلّ صلاة. قلت: وما الموجبتان؟ قال: تسأل الله الجنّة وتتعوّذ به من النار» معاني الأخبار ، ص183.
(5) النساء: 48.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
صفحة 45
في هذه الدنيا أن تعصم ماله ودمه فقط، ولا شيء له في الآخرة إلاّ الخزي والنار: «ومن قالها كاذباً عصمت ماله ودمه، وكان مصيره إلى النار» (1).
وبذلك يتضح أنّ ما يُرجى في كلمة التوحيد من ثواب للموحّدين ليس مطلق اللقلقة والذكر اللساني ـ وإن كان للذكر اللساني ثوابه في حال توافر شروطه ـ بل أن تقترن بشروطها، وأهمّها أن يقولها الناطق بها بإخلاص، وللإخلاص حدوده في المعرفة والنفس والسلوك كما بيّنت الآيات والروايات، ممّا مرَّ بعضه وستأتي تتمّته إن شاء الله.
عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: «من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنّة، وإخلاصه أن تحجزه لا إله إلا الله عما حرّم الله عزّ وجلّ» (2).
وما يمكن المصير إليه أنّ التوحيد هو الأساس الذي به يتميّز أهل الجنّة من أهل النار.
تقريب الفكرة بأمثلة عرفية
في ضوء التأكيد الكبير الذي أشارت إليه هذه النصوص يتساءل الإنسان عن المراد بالتوحيد، والمطلوب منه، وبِم يوحّد الله سبحانه؟
نسعى إلى تقريب صورة المسألة من خلال مثال نستمدّه من الإنسان نفسه كموجود طبيعيّ. إذا ما قمنا بعملية تحليل للمركّب الذي يُطلَق عليه الإنسان وجدناه يتألّف من ذات وصفات وأفعال، فلهذا الموجود ذات وهوية، وله صفات، كما أنّ له أفعالاً.
أمّا الذات أو الهوية فالمقصود منها هو ما يتميّز به الإنسان عن غيره، فلو
ـــــــــــ
(1) التوحيد ، مصدر سابق، ص23.
(2) التوحيد ، ص 27.
صفحة 46
دخلنا بعملية مقارنة بين الإنسان والموجودات الأخرى لرأينا أنّ هناك عدداً من العناصر المشتركة بينهما، كما أنّ هناك أمراً يميّز الإنسان عن بقيّة الموجودات. لو بدأنا بعنصر الجسمية وأنّ الإنسان جسم من الأجسام، لرأينا أنّ هذا ليس ممّا يختصّ بالإنسان، بل هو عنصر مشترك بين جميع الموجودات المادّية، فما من موجود مادّي إلاّ وله جسم، وله طول وعرض وعمق ونحو ذلك. ولو لاحظنا في عملية المقارنة عنصر النمو لرأيناه لا يختصّ بالإنسان وحده، بل هو عنصر مشترك موجود في الحيوان والنبات أيضاً.
كذا الحال لو انطلقنا من عنصر التحرّك الإرادي فيما يقال عن الإنسان ـ في المنطق ـ من أنّه جسم حسّاس متحرّك بالإرادة، فإنّ هذا أيضاً لا يختصّ بالإنسان وحده بل الحيوانات هي الأخرى موجودات متحرّكة بتحرّك إراديّ؛ لذلك راح المناطقة والفلاسفة يبحثون عمّا يميّز الإنسان عن غيره فيما وراء هذه العناصر المشتركة، فاستقرّوا على النطق، عندما ذكروا في حقيقة الإنسان أنّه حيوان ناطق.
ومع اختلافهم في تحديد المراد من النطق؛ أهو القابلية على التكلّم والحديث، أم القابلية على إدراك المفاهيم الكلية؟ بعبارة أخرى: أهو أمر مرتبط بنطق الإنسان وتكلّمه اللساني، أم بتعقّله وإدراكه؟ بغضّ النظر عن هذا كلّه، وسواء كان المراد هذا أو ذاك، فقد اتّفقوا على أنّ ما يميِّز الإنسانَ عن غيره من الموجودات ـ كالحجر والشجر والبقر والغنم والسماء والأرض ـ لا يتمثّل في عناصره الجسمية أو النموّ أو الحركة الإرادية ونحو ذلك، وإنّما يكمن بتلك الحقيقة التي أطلقوا عليها خاصّة النطق.
هذه الحقيقة التي تميِّز الإنسان عن غيره هي التي يعبَّر عنها بهويّة الإنسان وذاته، ومن أهمّ خصائصها أنّها لو أُخذت من الإنسان وسُلبت عنه لما بقي
صفحة 47
إنساناً، لأنّ إنسانيته متقوّمة بها.
يمكن توضيح المسألة بالماء، فحقيقة الماء أنّه مركّب من عنصرين هما الأوكسجين والهيدروجين، ولو سُلب منه أحد هذين العنصرين لما بقي ماءً، ومعنى ذلك أنّ حقيقة الماء مركّبة من هذين العنصرين، كذلك حقيقة الإنسان وهويّته فهي أيضاً قائمة ومختصّة بالخصلة التي يعبِّر عنها المناطقة بـ «الناطقية» وهذه الخصوصية هي التي يعبَّر عنها بـ «الذات».
ثمَّ في مقابل الذات أمر آخر يعبَّر عنه بالصفات. فلو أخذنا الهوية الإنسانية كمثال، فإنَّ لها مجموعة من الصفات، فتارة يكون الإنسان عالماً وأخرى لا يكون، وتارة يكون شجاعاً وتارة لا يكون، وتارة يكون رحيماً وأخرى لا يكون، وهكذا. يعبَّر عن هذه الخصال بصفات الإنسان، والفرق بين الذات والصفة أنّ الذات إذا فقدت تلك الحقيقة المقوِّمة لها فلن تبقى بل تتغيّر وتفقد هويّتها، بخلاف الصفة؛ فالإنسان إنسان سواء أكان عالماً أم لم يكن.
الأمر نفسه ينطبق على مثال الماء، فالبرودة والحرارة هما صفتان من صفاته، إذ قد يبرد الماء وقد يكون حارّاً، ولكن لو ارتفعت الحرارة والبردوة فلا ترتفع حقيقة المائية عن الماء، لأنّها متقوّمة بشيء آخر، وهذا معناه أنّ الصفة شيء غير الذات.
وهذه المقولة تصحّ ما دام الحديث يدور حول الموجودات الممكنة الحادثة، أمّا في الواجب سبحانه فإنّ صفاته عين ذاته كما سيجيءُ تفصيله في بحث التوحيد الصفاتي إن شاء الله.
ممّا مرَّ يتبيّن أنّ الصفة هي عبارة عن تلك الهيئات والأمور التي قد توصف بها ذات من الذوات وقد لا توصف. وفرق الصفة عن الذات أنّ
صفحة 48
الصفة سواءً كانت موجودة أو رُفعت تبقى الذات على حالها، أي تبقى للموجود هويّته بما هي عليه دون أن يطرأ عليها تغيير.
لكن ثَمَّ نسق ثالث يدخل في تركيبة الإنسان بالإضافة إلى الذات والصفات. فعلاوة على أنّ الإنسان حيوان ناطق من صفاته أنّه عالم، جاهل، شجاع، جبان، بخيل، جواد، رحيم، قاس وما إلى ذلك، فإنَّ له أفعالاً تُنسب إليه كالقيام والجلوس والنوم واليقظة والأكل والشرب ونحوها. وبذلك ينتهي المركب الإنساني إلى ذات وصفات وأفعال.
في ضوء هذه المقدّمة يتبيّن أنّ الحديث عندما يجري عن توحيد الله سبحانه فهو تارة يدور عن الوحدة الذاتية التي تقع فيها الوحدة كصفة للذات، بما يعني أنّ ذاته واحدة، وثانية عن التوحيد الصفاتي بما يدلّ أنّ صفاته واحدة، وثالثة عن الأفعال بما يفيد أنّ أفعاله واحدة، وأنّ كلّ ما في الوجود إن هو إلاّفعله، وهو ما يُصطلَح عليه بالتوحيد الأفعالي.
د . دلالة النقل على المراتب الثلاث
اتّضح ممّا مرَّ أنّ معنى عقيدة التوحيد هو إيمان الموحِّد بتوحيد الله الذاتي والصفاتي والأفعالي؛ لكن أثمّة في الآيات والروايات ما يدلّ على هذه المراتب التوحيدية الثلاث أم هي محض تصنيف منهجيّ أملتْه متطلّبات البحث العلمي؟
ثَمَّ في الآيات والروايات دلالة واضحة على هذه المراتب، وهي تشير صراحة إلى توحيد الذات تارة وإلى توحيد الصفات تارة ثانية، وتشير ثالثة إلى توحيد الأفعال, بل أكثر من ذلك تشير أيضاً إلى أقسام كلّ ضرب من ضروب التوحيد هذه. على سبيل المثال ينقسم التوحيد الذاتي إلى توحيد واحديّ وأحديّ، وفي النصوص ما يشير إلى ذلك.
كما أنّ للتوحيد الأفعالي أقساماً متعدّدة تُنير النصوصُ الكريمة السبيلَ إلى
صفحة 49
اكتشافها وفهمها، منها توحيد الخالقية الذي يعني أنّ الخالق واحد لا شريك له، والتوحيد في التشريع الذي يعني أنّ المشرّع هو الله سبحانه، وتوحيد الرازقية الذي يعني أنّ الله هو الرازق، وهكذا إلى بقية صنوف التوحيد الأفعالي.
وبشأن هذه المراتب الثلاث ربّما كان في الحديث المرويّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله ما يشير إليها.
فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: «جاء جبرائيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا محمّد طوبى لمن قال من أمّتك: لا إله إلاّ الله وحده وحده وحده» (1). فمع أنّه من المحتمل أن يكون تكرار «وحده، وحده، وحده» قد جاء لغرض التأكيد، لكن يُحتمل ـ والله العالم ـ أن يكون في الرواية إشارة إلى التوحيد في مراتبه الثلاث، أي وحده ذاتاً، ووحده صفةً، ووحده فعلاً، ومن ثمّ تكون قد استوعبت التوحيد الذاتي والصفاتي والأفعالي.
هـ . التوحيد صفة
من الأفكار التمهيدية الأخرى التي ينبغي التلبّث عندها تحديد موقع التوحيد في التصنيف المألوف للصفات.
توجد تقسيمات متعدّدة للصفات؛ منها أن تقسَّم صفات الله سبحانه إلى جمالية وجلالية، أو بتعبير آخر: إلى صفات ثبوتية تَثْبُت لله، وأخرى سلبية ينزّه عنها سبحانه. ومن الواضح أنّ التوحيد يدخل في عِداد الصفات السلبية التي تعني نفي الشريك عن الله، وذلك على غرار نفي الجهل عنه وتنزيهه عن الجسمية ونحو ذلك من الصفات السلبية.
وفي هذا السياق ربما كان في قوله سبحانه: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ
ـــــــــــ
(1) التوحيد ، مصدر سابق، ص21.
صفحة 50
وَالإكْرَامِ) (1) إشارة إلى هذين النمطين من الصفات، حيث «الإكرام» إشارة إلى الصفات الثبوتية، و«الجلال» إشارة إلى الصفات السلبية، والله أعلم.
2 ـ توضيحات منهجية
عندما نصل إلى التوحيد الذاتي يواجهنا البحث الكلامي والفلسفي بتناول الموضوع من خلال بُعدين (2):
الأول: التوحيد الواحدي.
الثاني: التوحيد الأحدي.
لكن قبل أن نخوض في البحوث المختصّة بهذين البعدين، نمهّد بعدد من المقدّمات التي يمكن تنظيمها كما يلي:
أ . أساس المعرفة التوحيدية
إنّ مفتاح الولوج إلى عالم التوحيد الفسيح، والأصل الذي تقوم عليه معارفه، والمنطلق لذلك كلّه هي الوحدة وتحديد المراد من توحيده سبحانه فيما تشير إليه الآيات مثل قوله تعالى: (وَمَا مِنْ إلهٍ إلاَّ إلهٌ وَاحِدٌ) (3)، (وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (4)، (وَمَا مِنْ إلهٍ إلاَّ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (5).
ـــــــــــ
(1) الرحمن: 27.
(2) من باب الإشارة فإنَّ للعرفاء حينما يستخدمون «أحديّ» و «واحديّ» اصطلاحهم الخاصّ بهم. بيد أنّنا نتحدّث عمّا هو سائد في البحث الكلامي والفلسفي فيما يذهب إليه من تقسيم الوحدة الذاتية إلى وحدة واحدية ووحدة أحدية.
(3) المائدة: 73.
(4) الرعد: 16.
(5) ص: 65.
صفحة 51
فما لم يتمّ فهم مسألة الواحد لا تتيسّر عملية فهم بقية معارف التوحيد، فالخالقية والمعبودية والرازقية وكلّ الأسماء الحسنى التي وردت في القرآن يتعذّر فهمها حال إغفال تلك المسألة.
كما تتوقّف عملية فهم فعل الله على تلك المسألة أيضاً، التي تعود لتكون القاعدة التحتية التي ينهض عليها بناء المعرفة التوحيدية فيما يحويه من أجزاء وتفاصيل.
ب . معنى الوحدة
حينما ننتقل إلى معنى الوحدة في قولنا «إنّ الله واحد» نجد أنّ البحث الفلسفي تناول الوحدة والكثرة بأقسام متعدّدة، فالواحد قد يكون واحداً حقيقياً وقد لا يكون، والواحد الحقيقي قد تكون وحدته حقّة وقد لا تكون.
عند الرجوع إلى القرآن ثَمَّ آيات كثيرة تنسب الوحدة إلى الله وتصفه بها: (وَإلهُكُمْ إلهٌ وَاحِدٌ لا إلهَ إلاّ هُوَ) (1)، فما طبيعة هذه الوحدة؟ أهي وحدة حقيقية أم وحدة غير حقيقية؟ وإذا كانت حقيقية فهل هي وحدة حقيقية حقّة؟ هذه أسئلة تدخل الإجابة عنها في مضمار البحث الفلسفي.
للعرفاء تقسيم للوحدة أيضاً، حيث قسّموها إلى وحدة عددية ووحدة غير عددية. بعبارة أدقّ إلى وحدة عددية ووحدة حقّة حقيقية. فهي «حقّة» باعتبار أنّ للحقيقة أقساماً، وليس المراد أن يوصف الله بأيّ واحدة من تلك الأقسام، بل المراد أن يوصف بالوحدة الحقّة الحقيقية التي هي عين الذات لا صفة زائدة عليها. فالصفة ـ في حال وصف الله بالوحدة ـ ليست شيئاً زائداً على الموصوف بل هي عين الموصوف.
ـــــــــــ
(1) البقرة: 163.
صفحة 52
ج . الوحدة العددية والوحدة الحقّة الحقيقية
يمكن إضاءة المسألة بأمثلة توضّح الفارق بين الوحدة العددية والوحدة الحقّة الحقيقية. الوحدة العددية هي التي إذا انضمَّ إليها شيء آخر صارت اثنين، وإذا انضمّ إلى الاثنين شيء صارا ثلاثة وهكذا. ومن أهمّ خصائص الوحدة العددية المحدودية والانتهاء، فما لم ينته الأوّل لا تصل النوبة إلى الثاني، فلا يقال للكتاب ثانٍ إلاّ عندما ينتهي الأوّل، أمّا لو كان هناك كتاب لا نهاية له فلا يكون ثمَّ مجال لكتاب ثانٍ فمتى انتهى الأوّل ليكون هناك ثان؟
لذلك جاء في كلام الإمام علي عليه السلام ما يربط بين الحدّ والعدد، فإذا ما حُدَّ الشيء فسيتعدّد، أي يقبل الثاني والثالث: «ومَن أشار إليه فقد حدَّه، ومن حدّه فقد عدَّه» (1).
على الأساس نفسه رفض الإمام منطق الوحدة العددية؛ إذ لا يجوز أن يوصف الله بالوحدة العددية؛ وذلك حيث يقول عليه السلام في جواب من سأله يوم الجمل: أتقول إنّ الله واحد؟: «فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز، لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد».
وفي ضوء المنطق ذاته كفّر القرآن من يذهب إلى أنّ الله ثالث ثلاثة، كما استدلّ الإمام أمير المؤمنين للرجل، بقوله: «أما ترى أنّه كفر من قال: إنّه ثالث ثلاثة» (2) في إشارة إلى نظرية النصارى كما حكاها القرآن، في قوله: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إلهٍ إلاَّ إلهٌ وَاحِدٌ) (3) حيث أمرهم أن ينتهوا عن هذا القول ويكفّوا عنه: (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) (4),
ـــــــــــ
(1) نهج البلاغة، مصدر سابق، ص40.
(2) بحار الأنوار ، مصدر سابق، ج3، ص206 ـ 207.
(3) المائدة: 73.
(4) النساء: 171.
صفحة 53
(وَإنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (1).
فالمراد من الوحدة الحقّة الحقيقية سنخ واحد لا نهاية له، لا يقبل الثاني. فثَمَّ فرق كبير بين أن يقبل وجود الله وجود الثاني، ولكن لا يوجد ثان، وبين أن لا يقبل وجوده وجود الثاني أساساً.
على سبيل المثال قد تقتني ساعة وتصفها لفرط جودتها وجمالها ومواصفاتها الأخرى أنّها لا ثاني لها، ولكن ليس معنى ذلك أنّه لا يمكن أن يوجد لها ثان، فالآن ليس لها ثان أمّا في المستقبل فقد يوجد لها ثان.
يمكن أن نقرّب الصورة أكثر من خلال مثال من الألوان:
فلو صار الشيء أبيض، لا يمكن أن يكون أسود في الوقت ذاته بحيث يجتمع البياض والسواد على شيء واحد. وعدم الإمكان هذا لا يقتصر على اللحظة هذه بل هو يشمل الماضي ويسري إلى المستقبل، فمن المحال أن يكون الشيء أبيض وأسود في آن واحد لا فيما سبق ولا حاضراً ولا فيما سيأتي، وهذا ما يُطلق عليه في اللغة العلمية باستحالة اجتماع الضدّين. كذلك حال الوجود والعدم، فالشيء ـ كزيد مثلاً ـ لا يمكن أن يكون موجوداً ومعدوماً في الوقت نفسه، لا حاضراً ولا في الماضي، كما يستحيل أن يتحقّق هذا الأمر مستقبلاً.
وفي وحدانية الله سبحانه هل المراد أنّه لا يوجد له ثان فعلاً؟ أم استحالة أن يكون له ثانٍ أصلاً. الاعتقاد الصحيح أن نؤمن ـ بصفتنا موحِّدين ـ باستحالة أن يكون لله ثان. وهذا لا يتحقق إلاّ برفض أن تكون وحدته وحدة عددية، وإلاّ فلو كانت وحدته سبحانه عددية فإنّ من خواص هذه الوحدة التكرّر والإضافة، ومن ثمّ يمكن أن يقع التعدّد، فلا محذور من حيث الإمكان. وذلك بعكس الوحدة الحقّة الحقيقية التي لا تقبل الإضافة والتكرّر، لأنّ الواحد فيها سنخ واحد لا نهاية له لكي يقبل الثاني، ويكون له ثان.
ـــــــــــ
(1) المائدة: 73.
صفحة 54
د . الفتح المعرفي القرآني
ثَمّ دعوى للقرآن في هذا الشأن يقابلها تنويعات في مواقف الفلاسفة والمتكلّمين والعرفاء في طبيعة الوحدة التي يتّصف بها الله، أهي وحدة عددية أم وحدة غير عددية؟ فالقرآن الكريم فيما ذهب إليه من الوحدة الحقّة الحقيقية هو فاتح هذه المنطقة من المعرفة الإلهية التي كانت مغلقة قبل الإسلام، وظلّت هكذا من بعده برغم كثافة نصوص أئمّة أهل البيت ولاسيّما الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
ما يُستشفّ من البحث الفلسفي لفلاسفة ما قبل الإسلام وممّن تصدّى للمعارف الإلهية من فلاسفة المسلمين حتّى فترة متأخّرة من العصر الإسلامي أنّهم ـ على السواء ـ يذهبون إلى أنّ وحدة الله سبحانه هي وحدة عددية، حيث يسجّل باحث متضلّع في هذا المضمار نتائج تَقصّيه بقوله: «لذلك ترى المأثور من كلمات الفلاسفة الباحثين في مصر القديم واليونان وإسكندرية، وغيرهم ممّن بعدهم، يعطي الوحدة العددية، حتى صرّح بها مثل الرئيس أبي علي بن سينا في كتاب الشفاء، وعلى هذا المجرى يجري كلام غيره ممّن بعده إلى حدود الألف من الهجرة النبوية. وأمّا أهل الكلام من الباحثين فاحتجاجاتهم على التوحيد لا تعطي أزيد من الوحدة العددية أيضاً، مع أنّ هذه الحجج مأخوذة من الكتاب العزيز عامّة» (1).
والنقطة الدقيقة التي تتركها هذه الحصيلة هي أنّ العقل الإنساني لو تُرك وشأنه بعيداً عن نور الوحي وهدي السماء لما انتهى إلى أكثر من الوحدة العددية؛ ما يشير إلى أنّ للعقل منطقة معرفية لا يتعدّاها بإمكاناته المستقلّة، ويحتاج إن رام أن يرتقي أعلى منها إلى مَن يأخذ بيده.
ـــــــــــ
(1) الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج6، ص104.
صفحة 55
في العصر الإسلامي كان القرآن الكريم ـ كما أسلفنا ـ هو الذي فتح هذه المنطقة المغلقة، حيث سارت بموازاته بيانات مدرسة أهل البيت عليهم السلام وعلى رأسهم سيِّد الموحدين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
بيدَ أنّ المفارقة أنّ هذا المجال بقي مع ذلك مؤصداً لم تزدهر في حقله نظرات المسلمين ولم تتفتّح إلاّ بعد قرون؛ ما يكشف عن حصيلتين اثنتين:
الأولى: أنّ القرآن لا يكفي وحده من دون أن يقرن بالثقل الثاني؛ فقد نصّ النبيّ صلى الله عليه وآله بأنّهما لن يفترقا، وبهما معاً تكون الهداية التامّة. فمع أنّ القرآن فتح الباب إلى الوحدة غير العددية أي الوحدة الحقّة الحقيقية إلاّ أنّ أصحاب النظر من فلاسفة ومتكلّمين وعلماء لم ينتهوا إلى أكثر من الوحدة العددية عندما تغاضوا عن عطاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام وما تحظى به نصوصهم من ثراء على هذا الصعيد.
الثانية: أنّ معطيات هذه المسألة لم تتفتح تفصيلاً في مضمار المعارف الإلهية في مدرسة أهل البيت أيضاً إلاّ بعد مرور قرون، وهو ما يكشف من جهة عن دقّتها وحاجتها إلى المزيد من النباهة وإمعان النظر. كما أنّه يكشف من جهة أخرى عمّا يجرّ إليه الإغضاء عن المعاني العقلية الدقيقة والرفيعة التي تنطوي عليها نصوص الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في مجال المعرفة التوحيدية.
ولإدراك مغزى هذه الإشارة يعلن البحث الفلسفي صراحة: أنّه لم يكتشف الوحدة الحقّة الحقيقية من القرآن إلاّ بمعونة روايات أئمّة أهل البيت عليهم السلام، حيث سعى بعض فلاسفة المسلمين، ومنهم صدر الدين الشيرازي (979 ـ 1050هـ) إلى الاستدلال على هذه الوحدة ونفي الوحدة العددية عنه سبحانه.
الأكثر من ذلك والأهمّ منه أنَّ باحثاً معاصراً متضلّعاً في البحث الفلسفي والعقلي ـ السيّد محمد حسين الطباطبائي ـ يُصرّح بعدم حاجة المسألة إلى بحث
صفحة 56
فلسفيّ مستقلّ، عندما يُنظر إليها من خلال كلام الإمام أمير المؤمنين، وما فيه من مسلك الاحتجاج البرهانيّ التامّ؛ قال ما نصّه: «ولهذا بعينه تركنا عقد بحث فلسفيّ مستقلّ لهذه المسألة، فإنّ البراهين الموردة في هذا الغرض مؤلَّفة من هذه المقدّمات المبيّنة في كلامه عليه السلام لا تزيد على ما في كلامه بشيء» (1).
وبدورنا سوف نستغني عن الدليل العقلي لإثبات الوحدة الحقّة الحقيقية، لأنّ ما أقامه الفلاسفة من أدلّة في هذا المجال وما توفّر عليه البحث العقلي من مقدّمات مستبطَن بأجمعه في الأدلّة التي أشار إليها القرآن الكريم وما تضمّنته روايات أئمّة أهل البيت بالأخصّ نصوص الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، ومن ثَمَّ فهي من قبيل أدلّة ما بعد الوقوع.
هـ . التمييز بين البعدين
من الطبيعي أن تميّز كتب اللغة هي الأخرى بين الواحد والأحد بطرق متعدّدة، منها ما يذكرونه من أنّ المشهور في كلام العرب استخدام «الأحد» بعد النفي و«الواحد» بعد الإثبات، فيقال كمثال على الأوّل: «ما في الدار أحد» وعلى الثاني: «في الدار واحد».
كما أنّ في الاستخدام القرآني ما يشبه هذا التمييز، حيث قول الله سبحانه: (وَإلـهُكُمْ إلهٌ وَاحِدٌ) (2) وقوله: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ) (3) وقوله (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) (4) وقوله: ﴿لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ) (5).
ـــــــــــ
(1) الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج6، ص105.
(2) البقرة: 163.
(3) التوبة: 84.
(4) آل عمران: 84.
(5) الأحزاب: 32.
صفحة 57
أمّا الجهة التي يتركّز عليها تمييز المتكلّمين بين الواحد والأحد فتتمثّل بطبيعة الذات الإلهية ومعرفة هل لهذه الصفات ثان أو شريك أو شبيه، كما لو فرضنا أنّ لعليّ شبيهاً ونظيراً في الإنسانية هو زيد.
هل لله سبحانه شبيه ونظير ومثيل؟ إنّ مهمّة النفي في هذه المقولة هي التي ينهض بها التوحيد الواحدي، فوظيفة هذا القسم من التوحيد نفي الثاني والنظير والمثيل والشبيه والشريك.
أمّا التوحيد الأحدي فيتحرّك باتجاه آخر مفاده البحث في الذات الإلهية نفسها؛ أهي بسيطة أم مركّبة؟
يمكن توضيح الفوارق القائمة بين البحثين من خلال العودة إلى مثال عرفيّ هو الماء. فالماء مركّب من عنصرين أحدهما الأوكسجين والآخر الهيدروجين، ثم تستمرّ عملية التجزئة والتحليل حتى تنتهي إلى العناصر البسيطة وهكذا تتألّف الأعيان المادّية من عناصر بسيطة وأخرى مركّبة.
السؤال المطروح على هذا الصعيد من البحث التوحيدي: هل الله سبحانه موجود مركّب أم هو موجود بسيط؟ في التوحيد الأحدي نحن بصدد إثبات أنّ الله بسيط، فننفي التركيب عنه سبحانه، بصرف النظر عمّا إذا كان له ثان أم لا. فمدار البحث هو بساطة الذات وتركيبها وليس نفي الثاني والنظير.
و . القرآن وبُعدا التوحيد الذاتي
في ضوء هذه النقطة المنهجية هل يمكن القول أنّ القرآن الكريم يُجاري هذا التقسيم الكلامي ويراعيه في استخدامه «الواحد» و«الأحد»، كما في قوله سبحانه: (وَإلَـهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ) (1) وقوله: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (2)؟
ـــــــــــ
(1) البقرة: 163.
(2) الإخلاص: 1.
صفحة 58
لا يمكن القول أنّ الاستخدام القرآني في الآيات المعنيّة يجاري الاصطلاح الكلامي، بحيث يبتغي من قوله سبحانه: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) التوحيد الأحدي، ومن قوله: (وَإلهُنَا وَإلهُكُمْ وَاحِدٌ) (1) التوحيد الواحدي.
فالنصوص القرآنية والروائية ليست بصدد ذلك، وإن كان فيها ما يدلّ على نفي الشريك (التوحيد الواحدي) من جهة، وما يدلّ على البساطة ونفي التركيب (التوحيد الأحدي) من جهة أخرى. والأكثر من ذلك نجد أنّ هذه النصوص تستخدم أحدهما مكان الآخر من دون إيلاء أهمّية للتمييز الكلامي.
لا يقتصر الأمر على النصوص القرآنية والروائية، بل تشهد نصوص قدماء الفلاسفة أيضاً على عدم التمييز الاصطلاحي بين الواحد والأحد، إذ هم يستخدمون الاثنين بمعنىً واحد.
في ضوء هذا ذهب بعض الباحثين المعاصرين للقول: «وليعلم أنّ لفظ الواحد والأحد استعمل في كلمات الأقدمين، وفي لسان الأخبار والأحاديث بمعنىً واحد، أي استعمل كلّ واحد منهما مكان الآخر» (2).
فإذا واجهنا قول الله تعالى: (وَإلهُكُمْ إله وَاحِدٌ) أو (وَإلهُنَا وَإلهُكُمْ وَاحِدٌ) فلا يدلّان بالضرورة على التوحيد الواحدي. وكذلك إذا واجهنا قوله سبحانه: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وقوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) فلا يعني ذلك ضرورة التوحيد الأحدي؛ لإمكان استعمال أحدهما مكان الآخر.
في الروايات الشريفة ما يدلّ على الاستخدام الموحَّد، كما في قول الإمام محمد الباقر عليه¬ السلام: «الأحد الفرد المتفرّد، والأحد والواحد بمعنى واحد، وهو المتفرّد الذي لا نظير له» (3).
ـــــــــــ
(1) العنكبوت: 46.
(2) النظرة الدقيقة في قاعدة بسيط الحقيقة، محمود شهابي¬الخراساني، طهران 1396هـ ص94.
(3) توحيد الصدوق، مصدر سابق، ص90.
صفحة 59
من هنا قد تنطبق القاعدة المعروفة على «الواحد» و«الأحد» فيما ذهب إليه بعض الكتّاب من أنّهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا. ومعنى ذلك أنّه إذا جاءت المفردتان في جملة واحدة فسيكون للواحد معنىً وللأحد معنىً آخر، بناءً على أنّ التأسيس أولى من التأكيد. أمّا إذا افترقا فلا يوجد دليل أو شاهد على أنّهما قد استخدما بمعنيين.
بسند عن ابن عبّاس، قال: جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلى الله عليه وآله، فقال: «يارسول الله علّمني من غرائب العلم؟ قال صلى الله عليه وآله: ما صنعت في رأس العلم حتى تسأل عن غرائبه؟ قال الرجل: ما رأس العلم يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: معرفة الله حقّ معرفته، قال الأعرابي: وما معرفة الله حقّ معرفته؟ قال: تعرفه بلا مثل، ولا شبه، ولا ندّ، وأنّه واحد أحد، ظاهر باطن، أوّل آخر، لا كفو له، ولا نظير، فذلك حقّ معرفته» (1). فقد يمكن القول إنّ لفظة «واحد» تشير في الحديث الشريف إلى التوحيد الواحدي، ولفطة «أحد» تشير إلى التوحيد الأحدي، على أنّ الحديث يدور برمّته حول معرفة الحقّ سبحانه ذاتاً حقّ معرفته.
ز . العلاقة بين المراتب الثلاث
سلفت الإشارة إلى وجود ثلاث مراتب للتوحيد بينها علاقة ترابطية محكمة على مستوى الإثبات، فإذا ما ثبت التوحيد الذاتي بمعنييه المشار إليهما فسوف يثبت التوحيد الصفاتي والتوحيد الأفعالي، وإنّ ما يتشعّب على التوحيد الأفعالي من فروع وبحوث تفصيلية يرجع أساسه إلى التوحيد الذاتي ببعديه الواحدي والأحدي.
ـــــــــــ
(1) توحيد الصدوق، باب 40، ص284، ح5؛ النظرة الدقيقة في قاعدة بسيط الحقيقة مصدر سابق، ص103 ـ 104
ـــــــــــــــــــــــ
ح . تحليل حديث واقعة الجمل
في الحديث النبوي الذي مرَّ علينا قبل قليل, توجد إشارة يمكن أن يُستظهر منها التمييز بين «الواحد» و«الأحد»، لكن حديث واقعة الجمل يمكن أن يقدّم مثالاً تطبيقياً آخر يفيد استخدام أحدهما بمعنى الآخر.
فإذا ما عدنا إلى حديث الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الجمل حينما نهض الأعرابيّ وسأله: يا أمير المؤمنين؛ أتقول أنّ الله واحد؟ نجد في جواب الإمام علي عليه السلام ما يفيد استخدامهما بمعنىً واحد. فبعد أن منع عنه الإمام اعتراض من اعترض عليه بحجّة اشتغال الإمام بأمر الحرب، ردّ على الرجل بقوله عليه السلام: «يا أعرابيّ, إنَّ القول في أنّ الله واحد على أربعة أقسام، فوجهان منها لا يجوزان على الله عزّ وجلّ، ووجهان يثبتان فيه. فأمّا اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل (واحد) يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز, لأنَّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد؛ أما ترى أنّه كفر من قال إنّه ثالث ثلاثة؟ وقول القائل (هو واحد من الناس) يريد به النوع من الجنس، فهذا لا يجوز عليه لأنّه تشبيه، وجلّ ربّنا عن ذلك وتعالى.
وأمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه، فقول القائل: (هو واحد ليس له في الأشياء شبه)، كذلك الله ربّنا. وقول القائل: (إنّه أحدي المعنى)، يعني به أنّه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم، كذلك ربنا عزّ وجلّ » (1).
يمكن أن نستنتح من الرواية النقاط التالية:
1 ـ يتّضح من كلامه عليه السلام (إنّ القول في أنّ الله واحد على أربعة أقسام): أنّه أطلق الواحد وأراد الأحد، وفي ذلك دليل على أنّ القرآن والرواية لم يراعيا الاصطلاح الكلامي الدارج في التمييز بين التوحيد الواحدي
ـــــــــــ
(1) التوحيد ، مصدر سابق، ص83 ـ 84.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
صفحة 61
والتوحيد الأحدي، فقد يُطلِقان الواحد ويريدان الأحد، وقد يستخدِمان الأحد ويريدان الواحد، اللّهمّ إلاّ كما ذكره بعض من أنّهما إذا اجتمعا افترقا.
2 ـ قوله عليه السلام (فوجهان منها لا يجوزان): لا يعني به ـ بداهةً ـ عدم الجواز الفقهي وأنّهما حرام فقهياً، وإنّما أراد به الوجه الكلامي العقليّ، وأنّهما باطلان على الله لا يصحّان عليه سبحانه.
3 ـ قوله عليه السلام (فقول القائل «واحد» يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز): إشارة إلى التوحيد الواحديّ؛ إذ لا يصحّ القول بأنّ الله واحد عدديّ، ومن ثَمَّ فإنّ الإمام بصدد نفي الثاني والشريك، ونفي الشبيه والمثل والنظير، وهذا ما ينهض به البحث في التوحيد الواحدي.
4 ـ أمّا قوله عليه السلام: (وقول القائل: «هو واحد من الناس» يريد به النوع من الجنس) فيريد به نفي التركيب والتجزئة لإثبات البساطة.
لقد نفى الإمام في الجهة الأولى من كلامه الوحدة العددية، ونفى في الجهة الثانية التركيب، فأثبت في الأوّل الواحدية وفي الثاني الأحدية بحسب الاصطلاح الكلامي.
5 ـ وممّا يدلّ في كلامه على الأحدية بمعنى إثبات البساطة ونفي التركيب قوله عليه السلام: «إنه عزّ وجلّ أحديّ المعنى».
المستخلص من هذه الإشارة أنّ نصوص أئمّة أهل البيت وإن لم تراع التمييز الاصطلاحي بين الواحد والأحد، إلاّ أنّه يمكن القول إنَّ لهذا الاستخدام الذي درج عليه المتكلّمون وأهل الفلسفة نحو منشأ في نصوصهم عليهم السلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك تكملة وهي الاستدلال الوائي والاستدلال القراني